الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: شرح منتهى الإرادات ***
يُعْتَبَرُ لِلطَّلَاقِ اللَّفْظُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَمَا يَأْتِي فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالنِّيَّةِ وَحْدَهَا إنْ لَمْ يُقَارِنْهَا لَفْظٌ؛ لِأَنَّهُ الْفِعْلُ الْمُعَبِّرُ عَمَّا فِي النُّفُوسِ مِنْ الْإِرَادَةِ، وَالْعَزْمِ، وَالْقَطْعِ وَإِنَّمَا يَكُونُ بِمُقَارَنَةِ اللَّفْظِ لِلْإِرَادَةِ لِحَدِيثِ: {إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَنْ ثَلَاثٍ: الْخَطَأِ، وَالنِّسْيَانِ، وَمَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ} (الصَّرِيحُ) فِي الطَّلَاقِ، وَغَيْرِهِ (مَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ) أَيْ: وَضْعًا لَهُ (مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) طَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَالْكِنَايَةُ مَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ) أَيْ: وَقَعَ لِمَا يُشَابِهُهُ، وَيُجَانِسُهُ (وَيَدُلُّ عَلَى مَعْنَى الصَّرِيحِ) فَيَتَعَيَّنُ لَهُ بِالْإِرَادَةِ (وَصَرِيحُهُ) أَيْ: الطَّلَاقِ (لَفْظُ طَلَاقٍ) أَيْ: الْمَصْدَرُ فَيَقَعُ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ الطَّلَاقُ وَنَحْوِهِ (وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ) أَيْ: الطَّلَاقِ كَطَالِقٍ، وَمُطَلَّقَةٍ، وَطَلَّقْتُكِ (غَيْرَ أَمْرٍ) كَطَلِّقِي. (وَ) غَيْرَ (مُضَارِعٍ) كَتَطْلُقِينَ (وَ) غَيْرَ (مُطَلِّقَةٍ اسْمُ فَاعِلٍ) أَيْ: بِكَسْرِ اللَّامِ فَلَفْظُ الْإِطْلَاقِ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ نَحْوُ أَطْلَقْتُك لَيْسَ بِصَرِيحٍ. (فَيَقَعُ) الطَّلَاقُ (مِنْ مُصَرِّحٍ) أَيْ: مِمَّنْ أَتَى بِصَرِيحِهِ غَيْرَ حَاكٍ وَنَحْوَهُ (وَلَوْ) كَانَ (هَازِلًا أَوْ لَاعِبًا) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الطَّلَاقُ هَزْلُهُ، وَجَدُّهُ سَوَاءٌ فَيَقَعُ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا " {ثَلَاثَةٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ الطَّلَاقُ، وَالنِّكَاحُ، وَالرَّجْعَةُ} " رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ (أَوْ) كَانَ (فَتَحَ تَاءَ أَنْتِ)؛ لِأَنَّهُ، وَجَّهَهَا بِالْإِشَارَةِ، وَالتَّعَيُّنِ فَسَقَطَ حُكْمُ اللَّفْظِ (أَوْ) كَانَ (لَمْ يَنْوِهِ) أَيْ: الطَّلَاقَ؛ لِأَنَّ إيجَادَ هَذَا اللَّفْظِ مِنْ الْعَاقِلِ دَلِيلُ إرَادَتِهِ، وَالنِّيَّةُ لَا تُشْتَرَطُ لِلصَّرِيحِ لِعَدَمِ احْتِمَالِ غَيْرِهِ. (وَإِنْ أَرَادَ) أَنْ يَقُولَ: (طَاهِرًا أَوْ نَحْوَهُ) كَإِرَادَتِهِ أَنْ يَقُولَ: طَاعِنًا أَوْ طَامِعًا (فَسَبَقَ لِسَانُهُ) بِطَالِقٍ أَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ طَلَبْتُكِ فَسَبَقَ لِسَانُهُ بِطَلَّقْتُك دِينَ وَلَمْ يُقْبَلْ حُكْمًا (أَوْ) قَالَ (طَالِقًا)، وَأَرَادَ (مِنْ وَثَاقٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ، وَكَسْرِهَا مَا يُوثَقُ بِهِ الشَّيْءُ مِنْ حَبْلٍ، وَغَيْرِهِ (أَوْ) قَالَ طَالِقًا، وَأَرَادَ (مِنْ زَوْجٍ كَانَ قَبْلَهُ) أَوْ مِنْ نِكَاحٍ سَبَقَ هَذَا النِّكَاحَ، (وَادَّعَى ذَلِكَ) أَيْ: أَنَّهُ أَرَادَ مَا ذُكِرَ دِينَ وَلَمْ يُقْبَلْ حُكْمًا (أَوْ قَالَ) أَنْتِ طَالِقٌ (إنْ قُمْت ثُمَّ قَالَ أَرَدْتُ وَقَعَدْتِ أَوْ نَحْوَهُ) كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ ثُمَّ قَالَ أَرَدْتُ، وَقَدِمَ الْحَاجُّ (فَتَرَكْتُهُ وَلَمْ أُرِدْ طَلَاقًا دِينَ) فِيمَا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ فَإِنْ كَانَ صَادِقًا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِلَفْظِهِ مَعْنَاهُ (وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ) ذَلِكَ (حُكْمًا)؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ عُرْفًا فَتَبْعُدُ إرَادَتُهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت زُيُوفًا أَوْ إلَى شَهْرٍ. (مَنْ قِيلَ: لَهُ: أَطَلَّقْتَ امْرَأَتَكَ؟ فَقَالَ نَعَمْ) أَوْ قِيلَ: لَهُ: امْرَأَتُكَ طَالِقٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، (وَأَرَادَ الْكَذِبَ طَلَقَتْ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ؛ لِأَنَّ نَعَمْ صَرِيحٌ فِي الْجَوَابِ، وَالْجَوَابُ الصَّرِيحُ بِلَفْظِ الصَّرِيحِ صَرِيحٌ إذْ لَوْ قِيلَ لَهُ: أَلِزَيْدٍ عَلَيْكَ أَلْفٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ كَانَ إقْرَارًا. (وَ) لَوْ قِيلَ لَهُ (أَخَلَّيْتَهَا؟، وَنَحْوَهُ) مِنْ الْكِنَايَاتِ (فَقَالَ: نَعَمْ فَكِنَايَةٌ) أَيْ: نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ السُّؤَالَ كَالْمُعَادِ فِي الْجَوَابِ (وَكَذَا لَيْسَ لِي امْرَأَةٌ أَوْ لَا امْرَأَةَ لِي) فَهُوَ كِنَايَةٌ. (فَلَوْ قِيلَ:) لِزَوْجِ امْرَأَةٍ (أَلَكَ امْرَأَةٌ؟ قَالَ: لَا،، وَأَرَادَ الْكَذِبَ لَمْ تَطْلُقْ)؛ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ تَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ وَلَمْ تُوجَدْ مَعَ إرَادَةِ الْكَذِبِ وَكَذَا إنْ نَوَى لَيْسَ لِي امْرَأَةٌ تُعِفُّنِي، أَوْ تَخْدُمُنِي وَنَحْوَهُ، أَوْ أَنِّي كَمَنْ لَا امْرَأَةَ لَهُ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ. (وَإِنْ قِيلَ: لِعَالِمٍ بِالنَّحْوِ: أَلَمْ تُطَلِّقْ امْرَأَتَكَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ لَمْ تَطْلُقْ)؛ لِأَنَّهُ إثْبَاتٌ لِنَفْيِ الطَّلَاقِ، وَتَطْلُقُ امْرَأَةُ غَيْرِ النَّحْوِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا فِي الْجَوَابِ (وَإِنْ قَالَ) الْعَالِمُ بِالنَّحْوِ، وَغَيْرُهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْإِقْنَاعِ جَوَابًا لِقَوْلِ أَلَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتَكَ؟ (بَلَى، طَلَقَتْ)؛ لِأَنَّهُ نَفْيٌ، وَنَفْيُ النَّفْيِ إثْبَاتٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ: طَلَّقْتُهَا. (وَمَنْ أَشْهَدَ) أَيْ: قَامَتْ (عَلَيْهِ) بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارٍ (بِ) وُقُوعِ (طَلَاقٍ ثَلَاثٍ) لِتَقَدُّمِ يَمِينٍ مِنْهُ تُوهِمُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ فِيهَا، وَنَحْوَ (ثُمَّ) اسْتَفْتَى فَ (أُفْتِيَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ: أَفْتَاهُ عَالِمٌ (أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ: بِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ (لَمْ يُؤَاخَذْ بِإِقْرَارِهِ) بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ عَلَيْهِ (لِمَعْرِفَةِ مُسْتَنَدِهِ) فِي إقْرَارِهِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ، (وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بِيَمِينِهِ (أَنَّ مُسْتَنَدَهُ فِي إقْرَارِهِ) بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ (بِذَلِكَ) أَيْ: بِسَبَبِ مَا صَدَرَ مِنْهُ مِنْ الْيَمِينِ الَّتِي تُوهِمُ حِنْثَهُ فِيهَا إنْ كَانَ (مِمَّنْ يَجْهَلُ مِثْلَهُ) لِدَلَالَةِ ظَاهِرِ الْحَالِ عَلَيْهِ وَهُوَ أَخْبَرَ بِمَا نَوَى. (وَإِنْ أَخْرَجَ) زَوْجٌ (زَوْجَتَهُ مِنْ دَارِهَا أَوْ لَطَمَهَا أَوْ أَطْعَمَهَا أَوْ أَسْقَاهَا أَوْ أَلْبَسَهَا أَوْ قَبَّلَهَا، وَنَحْوَهُ) بِأَنْ دَفَعَ إلَيْهَا شَيْئًا، (وَقَالَ هَذَا طَلَاقُكِ طَلَقَتْ) وَكَانَ صَرِيحًا نَصًّا؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ نَفْسَهُ لَا يَكُونُ طَلَاقًا فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرٍ فِيهِ لِيَصِحَّ لَفْظُهُ بِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَوْقَعْتُ عَلَيْكِ بِهَذَا الْفِعْلِ طَلَاقًا فَلَمْ يَفْتَقِرْ إلَى نِيَّةٍ (فَلَوْ فَسَّرَهُ بِمُحْتَمَلٍ) لِعَدَمِ الْوُقُوعِ (كَأَنْ نَوَى أَنَّ هَذَا سَبَبُ طَلَاقِكِ) فِي زَمَنٍ بَعْدَ هَذَا الْوَقْتِ (قُبِلَ حُكْمًا) لِعَدَمِ مَا يَمْنَعُ مِنْهُ لِاحْتِمَالِهِ. (وَإِنْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (كُلَّمَا قُلْت لِي شَيْئًا) مِنْ كَلَامٍ (وَلَمْ أَقُلْ لَك مِثْلَهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ لَهُ أَنْتِ) طَالِقٌ بِفَتْحِ التَّاءِ (أَوْ) قَالَتْ لَهُ (أَنْتِ طَالِقٌ) بِكَسْرِ التَّاءِ (فَقَالَ) لَهَا (مِثْلَهُ) أَيْ: مِثْلَ مَا قَالَتْ لَهُ (طَلَقَتْ)؛ لِأَنَّهُ شَافَهَهَا بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ (وَلَوْ عَلَّقَهُ) أَيْ: الطَّلَاقَ بِأَنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ ذَهَبْتِ لِلْهِنْدِ، وَنَحْوِهِ فَتَطْلُقُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا الَّذِي قَالَ لَهَا غَيْرُ الَّذِي قَالَتْهُ لَهُ إذْ الْمُنَجَّزُ غَيْرُ الْمُعَلَّقِ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَلَهُ التَّمَادِي إلَى قُبَيْلِ الْمَوْتِ (وَلَوْ نَوَى) بِقَوْلِهِ جَوَابًا لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (فِي وَقْتِ كَذَا وَنَحْوِهِ) كَإِرَادَتِهِ إنْ ذَهَبَتْ مَكَانَ كَذَا أَوْ إنْ كُنْت عَلَى صِفَةِ كَذَا (تَخَصَّصَ بِهِ) فَلَا يَقَعُ الْمُعَلَّقُ أَوَّلًا لِعَدَمِ وُجُودِ شَرْطِهِ وَلَا الثَّانِي حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُهُ وَنَحْوُهُ؛ لِأَنَّ تَخْصِيصَ اللَّفْظِ الْعَامِّ بِالنِّيَّةِ سَائِغٌ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَتَغَدَّى، وَنَوَى ذَلِكَ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا مُعَيَّنًا أَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ، وَنَوَى بِمَا يَكْرَهُهُ فَلَا يَحْنَثُ إذَا كَلَّمَهُ بِمَا يُحِبُّهُ، وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ. (وَمَنْ طَلَّقَ) زَوْجَةً لَهُ (أَوْ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَةٍ) لَهُ (ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ لِضَرَّتِهَا شَرَكْتُكِ) أَوْ أَشْرَكْتُك مَعَهَا (أَوْ أَنْتِ شَرِيكَتُهَا) أَيْ: فِيمَا أَوْقَعْتُ عَلَيْهَا مِنْ طَلَاقٍ أَوْ ظِهَارٍ (أَوْ) قَالَ لِضَرَّتِهَا أَنْتِ (مِثْلُهَا أَوْ) قَالَ لِضَرَّتِهَا: أَنْتِ (كَهِيَ فَ) هُوَ (صَرِيحٌ فِيهِمَا) أَيْ: الطَّلَاقِ، وَالظِّهَارِ نَصًّا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ لِجَعْلِهِ الْحُكْمَ فِيهِمَا وَاحِدًا إمَّا بِالشَّرِكَةِ فِي اللَّفْظِ أَوْ بِالْمُمَاثَلَةِ وَهَذَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ مَا فُهِمَ مِنْهُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَعَادَهُ بِلَفْظِهِ عَلَى الثَّانِيَةِ. (وَيَقَعُ) الطَّلَاقُ بِقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ لَا شَيْءٌ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا (لَيْسَ بِشَيْءٍ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا (لَا يَلْزَمُكِ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَةً لَا تَقَعُ عَلَيْك أَوْ) طَلْقَةً (لَا يَنْقُصُ بِهَا عَدَدُ الطَّلَاقِ)؛ لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِجَمِيعِ مَا أَوْقَعَهُ، أَشْبَهَ اسْتِثْنَاءَ الْجَمِيعِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ خَبَرًا فَهُوَ كَذِبٌ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ إذَا أَوْقَعَهُ وَقَعَ، وَيَقَعُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ طَلْقَةً، و(لَا) يَقَعُ شَيْءٌ (بِأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَا) لَا أَنْتِ (طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ لَا)؛ لِأَنَّهُ اسْتِفْهَامٌ فَأَخْرَجَ اللَّفْظَ عَنْ الْإِيقَاعِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ إيقَاعٌ. (وَمَنْ كَتَبَ صَرِيحَ طَلَاقِ امْرَأَتِهِ بِمَا يُبَيِّنُ وَقَعَ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ؛ لِأَنَّهَا) أَيْ: الْكِتَابَةَ (صَرِيحَةٌ فِيهِ) أَيْ: الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهَا حُرُوفٌ يُفْهَمُ مِنْهَا الْمَعْنَى فَإِذَا أَتَى فِيهَا بِالطَّلَاقِ، وَفُهِمَ مِنْهَا وَقَعَ كَاللَّفْظِ وَلِقِيَامِ الْكِتَابَةِ مَقَامَ قَوْلِ الْكَاتِبِ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرَ بِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ وَكَانَ فِي حَقِّ الْبَعْضِ بِالْقَوْلِ، وَفِي حَقِّ آخَرِينَ بِالْكِتَابَةِ إلَى مُلُوكِ الْأَطْرَافِ (فَلَوْ قَالَ) كَاتِبُ الطَّلَاقِ (لَمْ أُرِدْ إلَّا تَجْوِيدَ خَطِّي أَوْ) لَمْ أُرِدْ (إلَّا غَمَّ أَهْلِي) قُبِلَ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ وَقَدْ نَوَى مُحْتَمِلًا غَيْرَ الطَّلَاقِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ نَوَى بِاللَّفْظِ غَيْرَ الْإِيقَاعَ وَإِذَا أَرَادَ غَمَّ أَهْلِهِ يُتَوَهَّمُ الطَّلَاقُ دُونَ حَقِيقَتِهِ لَا يَكُونُ نَاوِيًا لِلطَّلَاقِ (أَوْ قَرَأَ مَا كَتَبَهُ، وَقَالَ: لَمْ أَقْصِدْ إلَّا الْقِرَاءَةَ قُبِلَ) مِنْهُ ذَلِكَ حُكْمًا لِمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ كَتَبَهُ بِشَيْءٍ لَا يُبَيِّنُ كَأُصْبُعِهِ عَلَى نَحْوِ وِسَادَةٍ أَوْ فِي الْهَوَاءِ لَمْ يَقَعْ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْهَمْزِ، وَالْإِشَارَةِ وَلَا يَقَعُ بِهِمَا شَيْءٌ. (وَيَقَعُ) الطَّلَاقُ (بِإِشَارَةٍ) مَفْهُومَةٍ (مِنْ أَخْرَسَ فَقَطْ) لِقِيَامِهَا مَقَامَ نُطْقِهِ (فَلَوْ لَمْ يَفْهَمْهَا) أَيْ: إشَارَةَ الْأَخْرَسِ (إلَّا بَعْضُ) النَّاسِ (فَ) هِيَ (كِنَايَةٌ) بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، (وَتَأْوِيلُهُ) أَيْ: الْأَخْرَسِ (مَعَ صَرِيحٍ) أَيْ: إشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ، و(كَ) تَأْوِيلِ غَيْرِ أَخْرَسَ (مَعَ نُطْقٍ) بِصَرِيحِ طَلَاقٍ، وَعُلِمَ بِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ إلَّا بِلَفْظٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ إشَارَةِ أَخْرَسَ. (وَيَقَعُ) الطَّلَاقُ (مِمَّنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ) إلَى الْإِسْلَامِ (لِعَدَمِ الْمَانِعِ، وَصَرِيحِهِ) أَيْ: الطَّلَاقِ (بِلِسَانِ الْعَجَمِ بهشتم) بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْهَاءِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ؛ لِأَنَّهَا فِي لِسَانِهِمْ مَوْضُوعَةٌ لِلطَّلَاقِ يَسْتَعْمِلُونَهَا فِيهِ، أَشْبَهَ لَفْظَ الطَّلَاقِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ صَرِيحَةً فِي لِسَانِهِمْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ صَرِيحٌ لِلطَّلَاقِ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهَا بِمَعْنَى خَلَّيْتُكِ فَإِنْ طَلَّقْتُكِ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لِمَا كَانَ مَوْضُوعًا، وَمُسْتَعْمَلًا فِيهِ كَانَ صَرِيحًا (فَمَنْ قَالَهُ) أَيْ: بهشتم (عَارِفًا مَعْنَاهُ وَقَعَ مَا نَوَاهُ) مِنْ طَلْقَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَوَاحِدَةً كَصَرِيحَةٍ بِالْعَرَبِيَّةِ (فَإِنْ زَادَ) عَلَى بهشتم (بِسَيَّارٍ فَثَلَاثٌ) تَقَعُ (وَإِنْ أَتَى بِهِ) أَيْ: لَفْظِ بهشتم مَنْ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ لَمْ يَقَعْ (أَوْ) أَتَى (بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ) الْعَرَبِيِّ (مَنْ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ لَمْ يَقَعْ) عَلَيْهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِلَفْظٍ مَعْنَاهُ لِعَدَمِ عِلْمِهِ (وَلَوْ نَوَى مُوجِبَهُ) أَيْ: الْقَوْلِ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ اخْتِيَارُهُ لِمَا لَا يَعْلَمُهُ.
وَكِنَايَتُهُ أَيْ: الطَّلَاقِ (نَوْعَانِ) ظَاهِرَةٌ وَهِيَ الْأَلْفَاظُ الْمَوْضُوعَةُ لِلْبَيْنُونَةِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الطَّلَاقِ فِيهَا أَظْهَرُ، وَخَفِيَّةٌ وَهِيَ الْأَلْفَاظُ الْمَوْضُوعَةُ لِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ (فَ) الْكِنَايَةُ (الظَّاهِرَةُ) خَمْسَةَ عَشَرَ (أَنْتِ خَلِيَّةٌ، وَ) أَنْتِ (بَرِيَّةٌ، وَ) أَنْتِ (بَائِنٌ، وَ) أَنْتِ (بَتَّةٌ، وَ) أَنْتِ (بَتْلَةٌ، وَ) أَنْتِ (حُرَّةٌ، وَأَنْتِ الْحَرَجُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ الْإِثْمُ (وَحَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ،، وَتَزَوَّجِي مَنْ شِئْتِ، وَحَلَلْتِ لِلْأَزْوَاجِ، وَلَا سَبِيلَ) لِي عَلَيْكِ (أَوْ لَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْكِ، وَأَعْتَقْتُكِ، وَغَطِّي شَعْرَكِ وَتَقَنَّعِي، وَ) الْكِنَايَةُ (الْخَفِيَّةُ) عِشْرُونَ (اُخْرُجِي، وَاذْهَبِي، وَذُوقِي، وَتَجَرَّعِي، وَخَلَّيْتُكِ،، وَأَنْتِ مُخْلَاةٌ وَاحِدَةً وَلَسْتِ لِي بِامْرَأَةٍ، وَاعْتَدِّي) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا؛ لِأَنَّهَا مَحَلٌّ لِلْعِدَّةِ فِي الْجُمْلَةِ (وَاسْتَبْرِئِي، وَاعْتَزِلِي، وَشِبْهُهُ، وَالْحَقِي) بِهَمْزَةٍ، وَصْلٍ، وَفَتْحِ الْحَاءِ (بِأَهْلِكِ، وَلَا حَاجَةَ لِي فِيكِ، وَمَا بَقِيَ شَيْءٍ، وَأَغْنَاكِ اللَّهُ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ طَلَّقَكِ، وَاَللَّهُ قَدْ أَرَاحَكِ مِنِّي، وَجَرَى الْقَلَمُ) قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَكَذَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنِي، وَبَيْنَكِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَنَظِيرُهُ فِي الْبَرَاءَةِ: أَبْرَأَكِ اللَّهُ، وَنَظِيرُهُ أَيْضًا: إنَّ اللَّهَ قَدْ بَاعَكِ أَوْ أَقَالَكِ وَنَحْوَهُ (وَلَفْظُ فِرَاقٍ، وَ) لَفْظُ (سَرَاحٍ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُمَا) أَيْ: الْفِرَاقُ وَالسَّرَاحُ (غَيْرُ مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ لَفْظِ الصَّرِيحِ) وَهُوَ الْأَمْرُ وَالْمُضَارِعُ، وَمُفَرِّقَةٌ، وَمُسَرِّحَةٌ بِكَسْرِ الرَّاءِ اسْمُ فَاعِلٍ. (وَلَا يَقَعُ) طَلَاقٌ بِكِنَايَةٍ وَلَوْ ظَاهِرَةً إلَّا (بِنِيَّةٍ) لِقُصُورِ رُتْبَتِهَا عَنْ الصَّرِيحِ فَوَقْفُ عَمَلِهَا عَلَى النِّيَّةِ تَقْوِيَةٌ لَهَا لِتَلْحَقَهُ فِي الْعَمَلِ وَلِاحْتِمَالِهَا غَيْرَ مَعْنَى الطَّلَاقِ فَلَا تَتَعَيَّنُ لَهُ بِدُونِ نِيَّةٍ (مُقَارِنَةٍ لِلَّفْظِ) أَيْ: لَفْظِ الْكِنَايَةِ فَإِنْ وُجِدَتْ النِّيَّةُ فِي ابْتِدَائِهِ، وَعَزَبَتْ عَنْهُ فِي بَاقِيهِ، وَقَعَ الطَّلَاقُ اكْتِفَاءً بِهَا فِي أَوَّلٍ كَسَائِرِ مَا تُعْتَبَرُ لَهُ النِّيَّةُ مِنْ صَلَاةٍ، وَغَيْرِهَا، فَإِنْ تَلَفَّظَ بِالْكِنَايَةِ غَيْرَ نَاوٍ لِلطَّلَاقِ، ثُمَّ نَوَاهُ بِهَا بَعْدُ لَمْ يَقَعْ كَنِيَّةِ الطَّهَارَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا، وَكَذَا لَوْ قَارَنَتْ النِّيَّةُ الْجُزْءَ الثَّانِي مِنْ الْكِنَايَةِ دُونَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمَنْوِيَّ غَيْرُ صَالِحٍ لِلْإِيقَاعِ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِالْجُزْءِ الْأَوَّلِ بِلَا نِيَّةٍ كَنِيَّةِ الصَّلَاةِ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِبَعْضِ أَرْكَانِهَا هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ فِي شَرْحِهِ، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَحَكَاهُ فِي الْإِنْصَافِ بِقِيلَ، وَقَدَّمَ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ مُقَارِنَةً لِلَّفْظِ، وَمُقْتَضَاهُ لَا فَرْقَ أَنْ تُقَارِنَ أَوَّلَهُ أَوْ غَيْرَهُ. (وَلَا تُشْتَرَطُ) لِكِنَايَةِ نِيَّةِ طَلَاقٍ (حَالَ خُصُومَةٍ أَوْ) حَالَ (غَضَبٍ أَوْ) حَالَ (سُؤَالِ طَلَاقِهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ اكْتِفَاءً بِدَلَالَةِ الْحَالِ (فَلَوْ لَمْ يُرِدْهُ) أَيْ: الطَّلَاقَ مَنْ أَتَى بِكِنَايَةٍ فِي حَالٍ مِمَّا ذُكِرَ (أَوْ أَرَادَ) بِالْكِنَايَةِ (غَيْرَهُ) أَيْ: الطَّلَاقَ (إذَنْ) أَيْ: حَالَ خُصُومَةٍ أَوْ غَضَبٍ أَوْ سُؤَالِ طَلَاقِهَا (دُيِّنَ) فِيمَا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ اللَّهِ فَإِنْ صَدَقَ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ شَيْءٌ (وَلَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ ذَلِكَ (حُكْمًا) لِتَأْثِيرِ دَلَالَةِ الْحَالِ فِي الْحُكْمِ كَمَا يُحْمَلُ الْكَلَامُ الْوَاحِدِ عَلَى الْمَدْحِ تَارَةً، وَالذَّمِّ أُخْرَى بِالْقَرَائِنِ وَلِذَا لَوْ قَالَ حَالَ خُصُومَةٍ لَيْسَتْ أُمِّي بِزَانِيَةٍ كَانَ تَعْرِيضًا بِالْقَذْفِ لِمُخَاصِمِهِ، وَفِي غَيْرِ خُصُومَةٍ يَكُونُ تَنْزِيهًا لِأُمِّهِ عَنْ الزِّنَا فَتَقُومَ دَلَالَةُ الْحَالِ مَقَامَ الْقَوْلِ فِيهِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا يُخَالِفُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ. (وَيَقَعُ بِ) كِنَايَةٍ (ظَاهِرَةٍ ثَلَاثُ) طَلْقَاتٍ (وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً)؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةُ وَكَانَ أَحْمَدُ يَكْرَهُ الْفُتْيَا فِي الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ مَعَ مَيْلِهِ إلَى أَنَّهَا ثَلَاثٌ، (وَ) يَقَعُ (بِ) كِنَايَةٍ (خَفِيَّةٍ) طَلْقَةً (رَجْعِيَّةً فِي مَدْخُولٍ بِهَا)؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهَا التَّرْكُ كَصَرِيحِ الطَّلَاقِ دُونَ الْبَيْنُونَةِ (فَإِنْ نَوَى) بِخَفِيَّةٍ (أَكْثَرَ) مِنْ وَاحِدَةٍ (وَقَعَ) مَا نَوَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ لَا يُنَافِي الْعَدَدَ فَوَجَبَ وُقُوعُ مَا نَوَاهُ بِهِ. (وَقَوْلُهُ أَنَا طَالِقٌ) أَوْ زَادَ مِنْك لَغْوٌ (أَوْ) أَنَا (بَائِنٌ) أَوْ زَادَ مِنْك (أَوْ) أَنَا (حَرَامٌ) أَوْ زَادَ مِنْك (أَوْ) أَنَا (بَرِيءٌ أَوْ زَادَ مِنْك لَغْوٌ)؛ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ لَا يَقَعُ لِطَلَاقٍ بِإِضَافَتِهِ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نِسْبَةٍ فَلَمْ يَقَعْ مَعَهَا كَالْأَجْنَبِيِّ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنَا طَالِقٌ وَلَمْ يَقُلْ مِنْك لَمْ يَقَعْ فَكَذَا إذَا زَادَهَا؛ وَلِأَنَّ الرَّجُلَ فِي النِّكَاحِ مَالِكٌ، وَالْمَرْأَةَ مَمْلُوكَةٌ فَلَمْ تَقَعْ إزَالَةُ الْمِلْكِ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْمَالِكِ كَالْعِتْقِ وَلِهَذَا لَا يُوصَفُ الرَّجُلُ بِأَنَّهُ مُطَلَّقٌ بِفَتْحِ اللَّامِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ وَجَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ مَلَّكْت امْرَأَتِي أَمْرَهَا فَطَلَّقَتْنِي ثَلَاثًا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إنَّ الطَّلَاقَ لَكِ، وَلَيْسَ لَهَا عَلَيْك رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ، وَالْأَثْرَمُ وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ. (وَ) قَوْلُهُ (كُلِي، وَاشْرَبِي، وَاقْعُدِي)، وَقُومِي، (وَقَرِّبِي، وَبَارَكَ اللَّهُ عَلَيْك، وَأَنْتِ مَلِيحَةٌ، وَ) أَنْتِ (قَبِيحَةٌ، وَنَحْوَهُ) كَأَطْعِمِينِي، وَاسْقِينِي، وَغَفَرَ اللَّهُ لَك وَمَا أَحْسَنَك، وَشِبْهَهُ (لَغْوٌ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَإِنْ نَوَاهُ)؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ فَلَوْ وَقَعَ بِهِ لَوَقَعَ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ بِخِلَافِ ذُوقِي، وَتَجَرَّعِي فَإِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَكَارِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} {ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ} {يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ} فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُلْحِقَ بِهِمَا مَا لَيْسَ مِثْلَهُمَا. (وَ) قَوْلُهُ لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ) عَلَيَّ حَرَامٌ (أَوْ الْحِلُّ) عَلَيَّ حَرَامٌ (أَوْ مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ ظِهَارٌ وَلَوْ نَوَى) بِهِ (طَلَاقًا)؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي تَحْرِيمِهَا (كَنِيَّتِهِ) أَيْ: الطَّلَاقِ (بِ) قَوْلِهِ (أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي) أَوْ أُخْتِي وَنَحْوَهُ، وَقَوْلُهُ عَلَيَّ الْحَرَامُ أَوْ يَلْزَمُنِي الْحَرَامُ أَوْ الْحَرَامُ لَازِمٌ لِي مَعَ نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ كَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ وَصَوَّبَهُ فِي الْإِنْصَافِ. وَقَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ الصَّوَابُ أَنَّهُ يَكُونُ طَلَاقًا بِالنِّيَّةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ أَوْلَى بِأَنْ تَكُونَ كِنَايَةٌ مِنْ قَوْلِهِ اُخْرُجِي وَنَحْوَهُ قَالَ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْعُرْفَ قَرِينَةٌ (وَإِنْ قَالَهُ) أَيْ: مَا تَقَدَّمَ لِزَوْجَةٍ (مُحَرَّمَةٍ بِحَيْضٍ وَنَحْوِهِ) كَنِفَاسٍ أَوْ صِيَامٍ أَوْ إحْرَامٍ، (وَنَوَى أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ بِهِ) أَيْ: الْحَيْضِ وَنَحْوِهِ (فَلَغْوٌ) لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ لِمُطَابَقَتِهِ الْوَاقِعَ (وَ) قَوْلُهُ (مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ أَعْنِي بِهِ: الطَّلَاقَ يَقَعُ ثَلَاثًا) نَصًّا (وَأَعْنِي بِهِ: طَلَاقًا يَقَعُ وَاحِدَةٌ) نَصًّا أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ أَلْ لِلِاسْتِغْرَاقِ أَوْ الْعَهْدِ وَلَا مَعْهُودَ فَيُحْمَلُ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ فَيَتَنَاوَلُ الطَّلَاقَ كُلَّهُ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَقَدْ ذَكَرَهُ مُنَكَّرًا فَيَكُونُ طَلَاقًا وَاحِدًا وَكَذَا قَوْلُهُ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ أَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ أَوْ أَعْنِي بِهِ: طَلَاقًا وَاحِدًا وَكَذَا قَوْلُهُ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ أَعْنِي بِهِ: الطَّلَاقَ أَوْ أَعْنِي بِهِ طَلَاقًا بِخِلَافِ، وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ فَلَمْ يَصِرْ طَلَاقًا؛ لِأَنَّهُ لَا تَصْلُحُ الْكِنَايَةُ بِهِ عَنْهُ. ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ، وَالْمُبْدِعِ. (وَ) إنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ حَرَامٌ، وَنَوَى فِي حُرْمَتِك عَلَى غَيْرِهِ فَكَطَلَاقٍ) قَالَ فِي التَّرْغِيبِ، وَغَيْرِهِ، وَمَعْنَاهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَحُرْمَتِك عَلَى غَيْرِي فَهُوَ كَنِيَّتِهِ بِهِ الطَّلَاقَ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ ظِهَارٌ وَلَوْ نَوَى طَلَاقًا. (وَلَوْ قَالَ: فِرَاشِي عَلَيَّ حَرَامٌ). فَإِنْ نَوَى امْرَأَتَهُ فَظِهَارٌ وَإِنْ نَوَى فِرَاشَهُ فَيَمِينٌ) نَصًّا فَمَتَى جَلَسَ أَوْ نَامَ عَلَى فِرَاشِهِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ لِحِنْثِهِ. فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَمِينٌ. (وَ) إنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ، وَالدَّمِ يَقَعُ مَا نَوَاهُ مِنْ طَلَاقٍ)؛ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ كِنَايَةً فِيهِ. فَإِذَا اقْتَرَنَتْ بِهِ النِّيَّةُ انْصَرَفَ إلَيْهِ. فَإِنْ نَوَى عَدَدًا وَقَعَ وَإِلَّا فَوَاحِدَةً. (وَ) مِنْ (ظِهَارٍ) كَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ (وَ) مِنْ (يَمِينٍ) بِأَنْ يُرِيدَ تَرْكَ وَطْئِهَا لَا تَحْرِيمَهَا وَلَا طَلَاقَهَا فَتَجِبُ فِيهَا الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ (فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا) مِنْ الثَّلَاثَةِ (فَ) هُوَ (ظِهَارٌ)؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَالْمَيْتَةِ، وَالدَّمِ. (وَمَنْ قَالَ حَلَفْتُ بِالطَّلَاقِ)؛ لَأَنْ أَفْعَلَ كَذَا أَوْ لَأَفْعَلَنَّهُ أَوْ لَا: فَعَلْته، (وَكَذَبَ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ (دُيِّنَ) فِيمَا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ اللَّهِ (وَلَزِمَهُ) الطَّلَاقُ (حُكْمًا) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ فَلَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ عَنْهُ كَإِقْرَارِهِ لَهُ بِمَالٍ ثُمَّ يَقُولُ: كَذَبْتُ وَإِنْ قَالَتْ امْرَأَتُهُ حَلَفْتَ بِالثَّلَاثِ أَوْ طَلَّقْتَنِي ثَلَاثًا فَقَالَ بَلْ وَاحِدَةً أَوْ قَالَتْ عَلَّقْت طَلَاقِي بِقُدُومِ زَيْدٍ فَقَالَ بَلْ عَمْرٍو فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِمَا تَقُولُهُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِحَالِ نَفْسِهِ.
وَقَوْلُهُ لِامْرَأَتِهِ أَمْرُكِ بِيَدِكِ كِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ تَمْلِكُ بِهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا (ثَلَاثًا) وَإِنْ نَوَى أَقَلَّ نَصًّا، وَأَفْتَى بِهِ غَيْرَ مَرَّةٍ. وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ يَقْتَضِي الْعُمُومَ فِي جَمِيعِ أَمْرِهَا؛ لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ مُضَافٌ فَيَتَنَاوَلُ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: طَلِّقِي نَفْسَك مَا شِئْتِ. (وَ) قَوْلُهُ لَهَا (اخْتَارِي نَفْسَك) كِنَايَةٌ (خَفِيَّةٌ) لَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ بِهَا أَيْ: بِاخْتَارِي نَفْسَك أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ (وَلَا) أَنْ تُطَلِّقَ (بِ) بِقَوْلِهِ (طَلِّقِي نَفْسَك أَكْثَرَ مِنْ) طَلْقَةٍ (وَاحِدَةٍ). قَالَ أَحْمَدُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَعَائِشَةَ قَالُوا إنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَهِيَ وَاحِدَةٌ وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْهُمْ بِإِسْنَادِهِ وَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا إلَّا إذَا كَانَتْ رَجْعِيَّةً وَيُؤَيِّدُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ}؛ وَلِأَنَّهَا طَلْقَةٌ بِلَا عِوَضٍ لَمْ تُكَمِّلْ عَدَدَ الطَّلَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ أَشْبَهَ مَا لَوْ طَلَّقَهَا هُوَ وَاحِدَةً فَإِنْ جَعَلَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةً مَلَكَتْهُ (وَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا مَتَى شَاءَتْ مَا لَمْ يَحُدَّ لَهَا حَدًّا) أَيْ: يُقَدِّرُ لَهَا وَقْتًا مُعَيَّنًا فَلَا تَتَجَاوَزُهُ (أَوْ يَفْسَخُ) مَا جَعَلَهُ لَهَا (أَوْ يَطَؤُهَا) لِدَلَالَتِهِ عَلَى رُجُوعِهِ (أَوْ تَرُدُّ هِيَ) أَيْ: الزَّوْجَةُ فَتُبْطِلُ الْوَكَالَةَ كَسَائِرِ الْوَكَالَاتِ (إلَّا فِي) قَوْلِهِ (اخْتَارِي نَفْسَك فَيَخْتَصُّ بِالْمَجْلِسِ مَا لَمْ يَشْتَغِلَا بِقَاطِعٍ) نَصًّا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَجَابِرٍ فَإِنْ قَامَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْمَجْلِسِ أَوْ تَشَاغَلَا بِقَاطِعٍ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا كَانَ انْتِقَالًا مِنْ كَلَامٍ إلَى غَيْرِهِ أَوْ تَشَاغَلَا بِصَلَاةٍ بَطَلَ اخْتِيَارُهَا وَكَذَا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَائِمًا فَرَكِبَ أَوْ مَشَى بِخِلَافِ مَا لَوْ قَعَدَ وَإِنْ كَانَتْ فِي صَلَاةٍ فَأَتَمَّتْهَا لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهَا فَإِنْ أَضَافَتْ إلَيْهَا رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ بَطَلَ خِيَارُهَا وَإِنْ أَكَلَتْ يَسِيرًا أَوْ سَبَّحَتْ يَسِيرًا أَوْ قَالَتْ: بِسْمِ اللَّهِ أَوْ اُدْعُ إلَى شُهُودٍ أَشْهِدْهُمْ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهَا (وَيَصِحُّ جَعْلُهُ) أَيْ: اخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا (لَهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ (بَعْدَهُ) أَيْ: الْمَجْلِسِ وَأَنْ يَجْعَلَهُ لَهَا مَتَى شَاءَتْ كَالْوَكِيلِ وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا. (وَ) يَصِحُّ جَعْلُ أَمْرِهَا بِيَدِهَا وَنَحْوُهُ (بِجُعْلٍ) مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا كَالطَّلَاقِ عَلَى عِوَضٍ، فَلَوْ قَالَتْ: اجْعَلْ أَمْرِي بِيَدِي وَلَكَ عَبْدِي هَذَا فَفَعَلَ، وَقَبْضُهُ مِلْكُهُ، وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَلَوْ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا وَمَتَى شَاءَتْ تَخْتَارُ مَا لَمْ يَطَأْ أَوْ يَرْجِعْ فَإِنْ رَجَعَ فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالْعِوَضِ. (وَيَقَعُ) طَلَاقُ زَوْجَةٍ جَعَلَ إلَيْهَا (بِكِنَايَتِهَا مَعَ نِيَّتِهِ) الطَّلَاقَ (وَلَوْ جَعَلَهُ) زَوْجُهَا (لَهَا بِصَرِيحِ) الطَّلَاقِ فَإِنْ قَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي وَلَمْ تَنْوِ بِهِ طَلَاقًا لَمْ يَقَعْ فَلَفْظُ الْأَمْرِ، وَالْخِيَارِ كِنَايَةٌ فِي حَقِّ الزَّوْجِ، وَالزَّوْجَةِ يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنْ نَوَى أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ لَمْ يَقَعْ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ إنْ لَمْ يَنْوِ فَمَا فَوَّضَ إلَيْهَا الطَّلَاقَ فَلَا يَصِحُّ أَنْ تُوقِعَهُ وَإِنْ نَوَاهُ دُونَهَا فَقَدْ فَوَّضَ إلَيْهَا الطَّلَاقَ وَلَمْ تُوقِعْهُ هِيَ (وَكَذَا وَكِيلٌ) فِي طَلَاقٍ. (وَلَا يَقَعُ) طَلَاقُ مَنْ خَيَّرَهَا زَوْجُهَا (بِقَوْلِهَا اخْتَرْتُ بِنِيَّةِ) الطَّلَاقِ (حَتَّى تَقُولَ) اخْتَرْتُ (نَفْسِي أَوْ) اخْتَرْتُ (أَبَوَيَّ أَوْ) اخْتَرْتُ (الْأَزْوَاجَ) أَوْ أَنْ لَا تَدْخُلَ عَلَيَّ وَنَحْوَهُ فَإِنْ قَالَتْ اخْتَرْتُ زَوْجِي لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ نَصًّا لِقَوْلِ عَائِشَةَ {قَدْ خَيَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ طَلَاقًا}، وَقَالَتْ {لَمَّا أُمِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَخْيِيرِ نِسَائِهِ بَدَأَ بِي فَقَالَ: إنِّي لَمُخْبِرُكِ خَبَرًا فَلَا عَلَيْكِ أَنْ لَا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك ثُمَّ قَالَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِي: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِك إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ} حَتَّى بَلَغَ: {فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا}. فَقُلْتُ: أَفِي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ؟ فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ، وَرَسُولَهُ، وَالدَّارَ الْآخِرَةِ. قَالَتْ: ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَا فَعَلْتُ}. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَكَذَا لَا يَقَع عَلَيْهَا بِقَوْلِهَا أَنْتِ طَالِقٌ، وَأَنْتِ مِنِّي طَالِقٌ أَوْ طَلَّقْتُك لِمَا سَبَقَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَصِفَةُ طَلَاقِهَا طَلَّقْتُ نَفْسِي أَوْ أَنَا مِنْكَ طَالِقٌ وَإِنْ قَالَتْ: أَنَا طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ. (وَمَتَى اخْتَلَفَا) أَيْ: الزَّوْجَانِ (فِي) وُجُودِ نِيَّةٍ (فَقَوْلٌ مُوقِعٌ) لِلطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ. (وَ) إنْ اخْتَلَفَا (فِي رُجُوعٍ) عَنْ جَعْلِ طَلَاقِهَا إلَيْهَا، وَنَحْوَهُ (فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُ الزَّوْجِ)؛ لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي نِيَّتِهِ (وَلَوْ) كَانَ اخْتِلَافُهُمَا فِي رُجُوعٍ (بَعْدَ إيقَاعِ) طَلَاقٍ مِمَّنْ جَعَلَ لَهُ (وَنَصَّ) أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ (أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ) قَوْلُ زَوْجٍ فِي رُجُوعٍ (بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ إيقَاعِ مَنْ جُعِلَ لَهُ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ أَنَّهُ كَانَ رَجَعَ قَبْلَهُ قَالَ (الْمُنَقِّحُ وَهُوَ أَظْهَرُ)، وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قَالَ: (وَكَذَا دَعْوَى عِتْقِهِ) أَيْ: عِتْقِ رَقِيقٍ، وَكُلٌّ فِي بَيْعِهِ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ الْوَكِيلُ (وَ) دَعْوَى (رَهْنٍ) أَيْ: رَهْنِ مَا وَكَّلَ فِي بَيْعِهِ بَعْدَهُ (وَنَحْوِهِ) كَوَقْفِ مَا بَاعَهُ وَكِيلُهُ بَعْدَ بَيْعِ وَكِيلٍ فَلَا تُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. (وَ) قَوْلُهُ لِزَوْجَتِهِ (وَهَبْتُكَ) لِأَهْلِك أَوْ نَفْسِك، وَنَحْوَهُ كَمَلَكْتُكِ (لِأَهْلِك أَوْ لِنَفْسِك) أَوْ لِزَيْدٍ مَثَلًا (فَمَعَ قَبُولٍ) مِنْ مَوْهُوبٍ لَهُ (تَقَعُ) طَلْقَةٌ (رَجْعِيَّةٌ) كَسَائِرِ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ (وَإِلَّا) يَكُنْ قَبُولٌ (فَ) هُوَ (لَغْوٌ) كَقَوْلِ (بِعْتُهَا) أَيْ: بِعْتُك نَفْسَك فَلَغْوٌ مُطْلَقًا نَصًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَضَمَّنُ مَعْنَى الطَّلَاقِ لِاشْتِرَاطِ الْعِوَضِ فِيهِ، وَالطَّلَاقُ مُجَرَّدُ إسْقَاطٍ لَا يَقْتَضِي الْعِوَضَ كَوَقَفْتُك عَلَى زَيْدٍ أَوْ وَصَّيْت لَهُ بِكِ وَافْتِقَارِ الْوُقُوعِ فِي الْهِبَةِ إلَى النِّيَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ لِلْبُضْعِ فَافْتَقَرَ إلَى الْقَبُولِ كَاخْتَارِي نَفْسِك، وَأَمْرُك بِيَدِك وَلَمْ يَقَعْ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ مُحْتَمَلٌ (وَتُعْتَبَرُ نِيَّةُ وَاهِبٍ) وَهُوَ الزَّوْجُ (وَ) نِيَّةُ (مَوْهُوبٍ) لَهُ عِنْدَ قَبُولٍ؛ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ فِيهِ فَاعْتُبِرَتْ النِّيَّةُ فِيهِ كَسَائِرِ الْكِنَايَاتِ (وَيَقَعُ) بِقَوْلِ وَهَبْتُك لِنَفْسِك أَوْ أَهْلِك إذَا قَبِلَ، وَنَوَى أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ وَالْآخَرُ طَلْقَةً أَوْ نَوَى أَحَدُهُمَا طَلْقَتَيْنِ وَالْآخَرُ طَلْقَةً (أَقَلَّهُمَا) أَيْ: الْعَدَدَيْنِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ دُونَ مَا زَادَ (وَإِنْ نَوَى) زَوْجٌ (بِهِبَتِهِ) أَيْ: بِقَوْلِ وَهَبْتُكِ لِنَفْسِكِ أَوْ أَهْلِكِ أَوْ زَيْدٍ مَثَلًا (الطَّلَاقُ) فِي الْحَالِ (وَقَعَ أَوْ) نَوَى بِ (أَمْرٍ) أَيْ: بِقَوْلِهِ أَمْرُك بِيَدِك. الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ وَقَعَ (أَوْ) نَوَى بِ (خِيَارٍ) أَيْ: بِقَوْلِ اخْتَارِي نَفْسَك (الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ وَقَعَ) إذَنْ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ. (وَمَنْ طَلَّقَ فِي قَلْبِهِ لَمْ يَقَعْ) طَلَاقُهُ لِمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ (وَإِنْ تَلَفَّظَ بِهِ أَوْ حَرَّكَ لِسَانَهُ وَقَعَ) طَلَاقُهُ (وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ) فِي ظَاهِرِ نَصِّهِ قَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ هَانِئٍ: إذَا طَلَّقَ فِي نَفْسِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ مَا لَمْ يَلْفِظْ أَوْ يُحَرِّكْ لِسَانَهُ بِهِ (بِخِلَافِ قِرَاءَةٍ فِي صَلَاةٍ)، وَذِكْرٍ يَجِبُ فِيهَا فَلَا يُجْزِئُهُ إنْ لَمْ يُسَمِّعْ بِهِ نَفْسَهُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ كَقِرَاءَةٍ فِي صَلَاةٍ يَعْنِي: أَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ إذَا حَرَّكَ لِسَانَهُ بِهِ إلَّا إذَا تَلَفَّظَ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ (وَ) زَوْجٌ (مُمَيِّزٌ) يَعْقِلُ الطَّلَاقَ (وَ) زَوْجَةٌ (مُمَيِّزَةٌ) تَعْقِلُهُ (كَ) زَوْجَيْنِ (بَالِغَيْنِ فِيمَا تَقَدَّمَ) تَفْصِيلُهُ نَصًّا؛ لِأَنَّ مَنْ صَحَّ مِنْهُ شَيْءٌ صَحَّ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ، وَأَنْ يَتَوَكَّلَ.
(وَيُعْتَبَرُ) عَدَدُهُ (بِالرِّجَالِ) حُرِّيَّةً، وَرِقًّا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ وَزَيْدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّ الرِّجَالِ فَاعْتُبِرَ بِهِ كَعَدَدِ الْمَنْكُوحَاتِ، وَلِحَدِيثِ الدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا {طَلَاقُ الْعَبْدِ اثْنَتَانِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، وَقُرْءُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ، وَتُزَوَّجُ الْحُرَّةُ عَلَى الْأَمَةِ وَلَا تَتَزَوَّجُ الْأَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ} وَمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا {الْأَمَةُ تَطْلِيقَتَانِ، وَقُرْؤُهَا حَيْضَتَانِ} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ. فَقَالَ أَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ مُظَاهِرِ بْنِ أَسْلَمَ وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ (فَيَمْلِكُ حُرٌّ) ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ (وَ) يَمْلِكُ (مُبَعَّضٌ ثَلَاثًا)؛ لِأَنَّهُ لَا تُمْكِنُ قِسْمَتُهُ فِي حَقِّهِ لِاقْتِضَاءِ الْحَالِ أَنْ يَكُونَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الطَّلَاقِ وَلَيْسَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ فَكَمُلَ فِي حَقِّهِ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ إثْبَاتُ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ فِي حَقِّ كُلِّ مُطَلَّقٍ خُولِفَ فِي كَامِلِ الرِّقِّ، وَبَقِيَ فِيمَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ (وَلَوْ) كَانَ الْحُرُّ، وَالْمُبَعَّضُ (زَوْجَيْ أَمَةٍ، وَ) يَمْلِكُ (عَبْدٌ وَلَوْ طَرَأَ رِقُّهُ) كَذِمِّيٍّ تَزَوَّجَ ثُمَّ لَحِقَ بِدَارِ حَرْبٍ فَاسْتُرِقَّ قَبْلَ أَنْ يُطَلِّقَ طَلْقَتَيْنِ (أَوْ) كَانَ (مَعَهُ) أَيْ: الْعَبْدِ (حُرَّةٌ ثِنْتَيْنِ) وَلَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا لِمَا سَبَقَ وَإِنْ طَلَّقَ الذِّمِّيُّ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ مَلَكَ تَتِمَّةَ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ الثِّنْتَيْنِ وَقَعَتَا غَيْرَ مُحَرَّمَتَيْنِ فَلَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُمَا بِالرِّقِّ الطَّارِئِ بَعْدَهَا. (فَلَوْ عَلَّقَ عَبْدٌ) الطَّلَقَاتِ (الثَّلَاثَ بِشَرْطٍ فَوَجَدَ) الشَّرْطَ (بَعْدَ عِتْقِهِ وَقَعَتْ) الثَّلَاثُ لِمِلْكِهِ لَهَا حِينَ الْوُقُوعِ (وَإِنْ عَلَّقَهَا) أَيْ: الثَّلَاثَ (بِعِتْقِهِ) بِأَنْ قَالَ: إنْ عَتَقْتُ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (فَعَتَقَ لَغَتْ) الطَّلْقَةُ (الثَّالِثَةُ)، وَصَحَّحَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ (وَلَوْ عَتَقَ بَعْدَ طَلْقَةٍ مَلَكَ تَمَامَ الثَّلَاثِ)؛ لِأَنَّ الطَّلْقَةَ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ. (وَ) لَوْ عَتَقْت (بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ) لَمْ يَمْلِكْ ثَالِثَةً؛ لِأَنَّهُمَا وَقَعَتَا مُحَرَّمَتَيْنِ (أَوْ عَتَقَا) أَيْ: الزَّوْجُ، وَالزَّوْجَةُ (مَعًا) بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ (لَمْ يَمْلِكْ ثَالِثَةً) لِمَا تَقَدَّمَ. (وَقَوْلُهُ) أَيْ: الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ الطَّلَاقُ) أَوْ أَنْتِ طَلَاقٌ (أَوْ يَلْزَمُنِي) الطَّلَاقُ (أَوْ) الطَّلَاقُ (لَازِمٌ لِي أَوْ) قَالَ الطَّلَاقُ (عَلَيَّ وَنَحْوَهُ) كَعَلَيَّ يَمِينٌ بِالطَّلَاقِ (صَرِيحٌ) فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ سَوَاءٌ كَانَ (مُنَجَّزًا) كَأَنْتِ الطَّلَاقُ وَنَحْوِهِ (أَوْ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ) كَأَنْتِ الطَّلَاقُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَنَحْوِهِ (أَوْ مَحْلُوفًا بِهِ) كَأَنْتِ الطَّلَاقُ لَأَقُومَنَّ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي عُرْفِهِمْ كَمَا فِي قَوْلِهِ: فَأَنْتِ الطَّلَاقُ وَأَنْتِ الطَّلَاقُ وَأَنْتِ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا تَمَامًا وَكَوْنُهُ مَجَازًا لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ صَرِيحًا لِتَعَذُّرِ حَمْلِهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَلَا مَحَلَّ لَهُ يَظْهَرُ سِوَى هَذَا الْمَحَلِّ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ (وَيَقَعُ بِهِ وَاحِدَةٌ)؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ لَا يَعْتَقِدُونَهُ ثَلَاثًا، وَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ فِيهِ لِلِاسْتِغْرَاقِ، وَيُنْكِرُ أَحَدُهُمْ أَنْ يَكُونَ طَلَّقَ ثَلَاثًا (مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ) مِنْ وَاحِدَةٍ فَيَقَعُ مَا نَوَاهُ. (فَمَنْ مَعَهُ عَدَدٌ) مِنْ زَوْجَاتِهِ، وَقَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ أَوْ يَلْزَمُنِي، وَنَحْوَهُ إنْ فَعَلْت كَذَا، وَفَعَلَهُ، (وَثَمَّ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ: هُنَاكَ (نِيَّةٌ) تَقْتَضِي تَعْمِيمًا أَوْ تَخْصِيصًا (أَوْ) ثَمَّ (سَبَبٌ يَقْتَضِي تَعْمِيمًا أَوْ تَخْصِيصًا) لِبَعْضِ نِسَائِهِ (عَمِلَ بِهِ) أَيْ: بِمَا يَقْتَضِي التَّعْمِيمَ أَوْ التَّخْصِيصَ (وَإِلَّا) يَكُنْ ثَمَّ مَا يَقْتَضِي تَعْمِيمًا أَوْ تَخْصِيصًا (وَقَعَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ) مِنْ الزَّوْجَاتِ (طَلْقَةٌ)؛ لِأَنَّ تَخْصِيصَهُ بِبَعْضِهِنَّ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ. (وَ) مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ، وَنَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ) تَقَعُ بِهَا (كَنِيَّتِهَا) أَيْ: الثَّلَاثِ (بِ) قَوْلِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا)؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، فَقَدْ نَوَى بِلَفْظِهِ مَا يَحْتَمِلُهُ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَاحِدَةً؛ لِأَنَّهَا الْيَقِينُ كَمَا لَوْ نَوَى وَاحِدَةً (وَ) قَوْلُهُ لَهَا (أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً) أَوْ طَالِقٌ وَاحِدَةً (بَائِنَةً أَوْ) طَالِقٌ (وَاحِدَةً بَتَّةً) أَوْ وَاحِدَةً تَمْلِكِي بِهَا نَفْسَك، وَلَا عِوَضَ (فَ) وَاحِدَةٌ (رَجْعِيَّةٌ فِي مَدْخُولٍ بِهَا، وَلَوْ نَوَى أَكْثَرَ) مِنْ وَاحِدَةٍ لَوَصَفَهَا بِوَاحِدَةٍ، وَالْأَصْلُ فِيهَا أَنْ تَكُونَ رَجْعِيَّةً فَلَا تَخْرُجُ بِوَصْفِهَا بِذَلِكَ عَنْ أَصْلِهَا وَإِنَّمَا كَانَتْ بَائِنًا بِالْعِوَضِ لِضَرُورَةِ الِافْتِدَاءِ. (وَ) إنْ قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً ثَلَاثًا أَوْ) طَالِقٌ (ثَلَاثًا وَاحِدَةً أَوْ طَالِقٌ بَائِنًا أَوْ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ أَوْ) طَالِقٌ (بِلَا رَجْعَةٍ فَثَلَاثٌ) تَقَعُ بِذَلِكَ لِتَصْرِيحِهِ بِالْعَدَدِ أَوْ، وَصْفِهِ الطَّلَاقَ بِمَا يَقْتَضِي الْإِبَانَةَ. (وَ) إنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ فَثَلَاثٌ) تَقَعُ (وَإِنْ أَرَادَ) الْأُصْبُعَيْنِ (الْمَقْبُوضَتَيْنِ، وَيَصْدُقُ فِي إرَادَتِهِمَا) لِاحْتِمَالِهِ (فَثِنْتَانِ)؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ يَكُونُ تَارَةً بِقَبْضِ الْأَصَابِعِ، وَتَارَةً بِبَسْطِهَا، وَالْقَبْضُ يَكُونُ فِي أَوَّلِ الْعَدَدِ دُونَ الْبَسْطِ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هَكَذَا فَوَاحِدَةٌ). (وَمَنْ أَوْقَعَ طَلْقَةً ثُمَّ قَالَ: جَعَلْتُهَا ثَلَاثًا وَلَمْ يَنْوِ اسْتِئْنَافَ طَلَاقٍ بَعْدَهَا فَ) طَلْقَةٌ (وَاحِدَةٌ)؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِيرُ ثَلَاثًا، وَظَاهِرُهُ إنْ أَرَادَ اسْتِئْنَافَ طَلَاقٍ وَهِيَ رَجْعِيَّةٌ وَقَعَ تَتِمَّةُ الثَّلَاثِ. (وَإِنْ قَالَ: لِإِحْدَى امْرَأَتَيْهِ أَنْتِ طَالِقٌ (وَاحِدَةً بَلْ هَذِهِ) مُشِيرًا لِلزَّوْجَةِ الثَّانِيَةِ (ثَلَاثًا طَلَقَتْ) الْمُخَاطَبَةُ أَوَّلًا (وَاحِدَةً وَالْأُخْرَى ثَلَاثًا) لِإِيقَاعِهِ بِهِمَا كَذَلِكَ، وَمِثْلُهُ لِزَيْدٍ عَلَى هَذَا الدِّرْهَمِ بَلْ لِعَمْرٍو هَذَانِ الدِّرْهَمَانِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الدِّرْهَمَانِ، وَلَا يَصِحُّ إضْرَابُهُ عَنْ الْأَوَّلِ (وَإِنْ قَالَ) لِإِحْدَاهُمَا (هَذِهِ) طَالِقٌ، وَأَشَارَ إلَيْهَا (لَا بَلْ هَذِهِ) مُشِيرًا لِلْأُخْرَى طَلُقَتَا (أَوْ) قَالَ لِإِحْدَاهُمَا (أَنْتِ طَالِقٌ)، وَقَالَ لِلْأُخْرَى (لَا بَلْ أَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتَا)؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إضْرَابُهُ عَمَّنْ طَلَّقَهَا أُوَلًا. (وَإِنْ قَالَ) مَنْ لَهُ ثَلَاثُ زَوْجَاتٍ مُشِيرًا إلَيْهِنَّ (هَذِهِ أَوْ هَذِهِ) طَالِقٌ، (وَهَذِهِ) طَالِقٌ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ (بِالثَّلَاثَةِ) لِإِيقَاعِهِ بِهَا (وَ) وَقَعَ (بِإِحْدَى الْأَوَّلَيْنِ)؛ لِأَنَّ أَوْ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ (كَ) مَا لَوْ قَالَ (هَذِهِ أَوْ هَذِهِ) طَالِقٌ (بَلْ هَذِهِ) طَالِقٌ فَيَقَعُ بِالثَّالِثَةِ، وَإِحْدَى الْأَوَّلِيَّيْنِ. (وَ) إنْ أَشَارَ إلَيْهِنَّ، و(قَالَ هَذِهِ) طَالِقٌ (وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ) (وَقَعَ) الطَّلَاقُ (بِالْأُولَى، وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ كَ) مَا لَوْ قَالَ (هَذِهِ) طَالِقٌ (بَلْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ) فَتَطْلُقُ الْأُولَى، وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ. (وَ) إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ الطَّلَاقِ أَوْ أَكْثَرَهُ) أَيْ: الطَّلَاقِ (أَوْ جَمِيعَهُ أَوْ مُنْتَهَاهُ أَوْ غَايَتَهُ أَوْ أَقْصَاهُ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (عَدَدَ الْحَصَى أَوْ) عَدَدَ (الْقَطْرِ أَوْ عَدَدَ الرَّمَلِ أَوْ) عَدَدَ (الرِّيحِ أَوْ) عَدَدَ (التُّرَابِ، وَنَحْوَهُ) كَالنُّجُومِ وَالْجِبَالِ، وَالسُّفُنِ وَالْبِلَادِ فَثَلَاثٌ وَلَوْ نَوَى وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يَقْتَضِي عَدَدًا، وَالطَّلَاقُ لَهُ أَقَلُّ وَأَكْثَرُ فَأَقَلُّهُ وَاحِدَةٌ وَأَكْثَرُهُ ثَلَاثٌ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ عَدَدَ الْمَاءِ أَوْ الزَّيْتِ وَنَحْوِهِ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ لِتَعَدُّدِ أَنْوَاعِهِ، وَقَطَرَاتِهِ أَشْبَهَ الْحَصَى (أَوْ) قَالَ لَهَا (يَا مِائَةَ طَالِقٍ فَثَلَاثٌ) تَقَعُ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ مِائَةُ طَالِقٌ (وَلَوْ نَوَى وَاحِدَةً)؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ لَفْظَهُ (وَكَذَا) أَنْتِ طَالِقٌ (كَأَلْفٍ وَنَحْوِهِ) كَمِائَةٍ (فَلَوْ نَوَى كَأَلْفٍ فِي صُعُوبَتِهَا) دُيِّنَ، و(قِبَلَ حُكْمًا)؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُ. (وَ) إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (أَشَدَّهُ) أَيْ: الطَّلَاقِ (أَوْ أَغْلَظَهُ أَوْ أَطْوَلَهُ أَوْ أَعْرَضَهُ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (مِلْءَ الْبَيْتِ أَوْ) مِلْءَ (الدُّنْيَا أَوْ مِثْلَ الْجَبَلِ أَوْ عِظَمَهُ) أَيْ: الْجَبَلِ (وَنَحْوِهِ) كَعِظَمِ الشَّمْسِ أَوْ الْقَمَرِ (فَطَلْقَةٌ إنْ لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ)؛ لِأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ لَا يَقْتَضِي عَدَدًا، وَتَكُونُ رَجْعِيَّةٌ فِي مَدْخُولٍ بِهَا إنْ لَمْ تَكُنْ مُكَمِّلَةً لِعَدَدِ الطَّلَاقِ فَإِنْ نَوَى أَكْثَرَ وَقَعَ مَا نَوَاهُ. (وَ) إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (مِنْ طَلْقَةٍ إلَى ثَلَاثِ) طَلَقَاتٍ (فَ) طَلْقَتَانِ (ثِنْتَانِ)؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْغَايَةِ لَا يَدْخُلُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَتِمُّوا الصِّيَامَ إلَى اللَّيْلِ} وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ، وَثَلَاثٍ فَوَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي بَيْنَهُمَا، (وَ) أَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَةً فِي ثِنْتَيْنِ، وَنَوَى طَلْقَةً مَعَهُمَا فَثَلَاثُ) طَلَقَاتٍ تَقَعُ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْأَغْلَظِ (وَإِنْ نَوَى) بِهَذَا اللَّفْظِ (مُوجِبَهُ عِنْدَ الْحِسَابِ، وَ) هُوَ (يَعْرِفُهُ أَوْ لَا) يَعْرِفُهُ (فَثِنْتَانِ)؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُوجِبُهُ عِنْدَهُمْ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا) بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً فِي طَلْقَتَيْنِ (وَقَعَ مِنْ حَاسِبٍ طَلْقَتَانِ)؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالَةِ إرَادَةِ الضَّرْبِ، (وَ) وَقَعَ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ: الْحَاسِبِ (طَلْقَةً)؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْإِيقَاعِ اقْتَرَنَ بِالْوَاحِدَةِ، وَجَعَلَ الِاثْنَتَيْنِ ظَرْفًا وَلَمْ يَقْتَرِنْ بِهِمَا إيقَاعٌ.
وَجُزْءُ طَلْقَةٍ كَهِيَ؛ لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى السِّرَايَةِ كَالْعِتْقِ فَلَا يَتَبَعَّضُ فَإِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ) طَلْقَةٍ فَوَاحِدَةٌ (أَوْ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (ثُلُثَ) طَلْقَةٍ فَوَاحِدَةٌ (أَوْ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (سُدُسَ) طَلْقَةٍ فَوَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ مَا لَا يَتَبَعَّضُ فِي الطَّلَاقِ ذِكْرٌ لِجَمِيعِهِ كَأَنْتِ نِصْفُ طَلْقَةٍ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ جُزْءَ طَلْقَةٍ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ، و(ثُلُثَ، وَسُدُسَ طَلْقَةٍ) فَوَاحِدَةٌ لِدَلَالَةِ عَدَمِ ذِكْرِ طَلْقَةٍ مَعَ كُلِّ جُزْءٍ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَجْزَاءَ مِنْ طَلْقَةٍ غَيْرَ مُتَغَايِرَةٍ (أَوْ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفَيْهَا) أَيْ: نِصْفَيْ طَلْقَةٍ فَوَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ نِصْفَيْ الشَّيْءِ كُلُّهُ (أَوْ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفَ طَلْقَةٍ ثُلُثَ طَلْقَةٍ سُدُسَ طَلْقَةٍ) فَوَاحِدَةٌ لِدَلَالَةِ حَذْفِ الْعَاطِفِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَجْزَاءَ مِنْ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ، وَأَنَّ الثَّانِيَ بَدَلٌ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثَ بَدَلٌ مِنْ الثَّانِي، وَالْبَدَلُ هُوَ، وَالْمُبْدَلُ مِنْهُ أَوْ بَعْضُهُ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ، وَثُلُثَهَا، وَسُدُسَهَا؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مِنْ طَلْقَةٍ وَلَا تَزِيدُ عَلَيْهَا. (أَوْ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفُ) طَلْقَتَيْنِ (أَوْ) قَالَ (ثُلُثَ) طَلْقَتَيْنِ (أَوْ) قَالَ (سُدُسَ طَلْقَتَيْنِ أَوْ) قَالَ (رُبُعَ) طَلْقَتَيْنِ (أَوْ) قَالَ (ثُمُنَ طَلْقَتَيْنِ، وَنَحْوَهُ) كَخُمْسِ أَوْ سُبْعِ أَوْ تُسْعِ أَوْ عُشْرِ طَلْقَتَيْنِ (فَوَاحِدَةٌ) تَطْلُقُ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الطَّلْقَتَيْنِ طَلْقَةٌ، وَثُلُثَهُمَا ثُلُثَا طَلْقَةٍ، وَسُدُسَهُمَا ثُلُثُ طَلْقَةٍ، وَرُبْعَهُمَا نِصْفُ طَلْقَةٍ، وَثُمْنَهُمَا رُبْعُ طَلْقَةٍ، وَخَمْسَهُمَا خُمْسَا طَلْقَةٍ، وَقِسْ عَلَيْهِ ثُمَّ تُكْمَلُ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفَيْ طَلْقَتَيْنِ) فَثِنْتَانِ؛ لِأَنَّ نِصْفَيْ الشَّيْءِ جَمِيعُهُ فَهُوَ كَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ فَثِنْتَانِ؛ لِأَنَّ ثَلَاثَةَ الْأَنْصَافِ طَلْقَةٌ، وَنِصْفٌ فَيُكْمَلُ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (أَرْبَعَةُ أَثْلَاثِ) طَلْقَةٍ فَثِنْتَانِ (أَوْ خَمْسَةِ أَرْبَاعِ) طَلْقَةٍ فَثِنْتَانِ (وَنَحْوِهِ) كَثَمَانِيَةِ أَسْبَاعِ طَلْقَةٍ (فَثِنْتَانِ)؛ لِأَنَّ ذَلِكَ طَلْقَةٌ، وَجُزْءٌ فَيُكْمَلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ. (وَ) أَنْتِ طَالِقٌ (ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ) طَلْقَتَيْنِ فَثَلَاثٌ نَصًّا؛ لِأَنَّ نِصْفَ الطَّلْقَتَيْنِ وَاحِدَةٌ وَقَدْ كَرَّرَهُ ثَلَاثًا أَشْبَهَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (أَوْ) قَالَ (أَرْبَعَةُ أَثْلَاثِ) طَلْقَتَيْنِ فَثَلَاثٌ؛ لِأَنَّهَا ثَمَانِيَةُ أَثْلَاثٍ بِطَلْقَتَيْنِ، وَثُلُثَيْ طَلْقَةٍ وَيُكْمَلُ (أَوْ) قَالَ (خَمْسَةُ أَرْبَاعِ طَلْقَتَيْنِ) فَثَلَاثٌ؛ لِأَنَّ مَجْمُوعَهُمَا عَشَرَةُ أَرْبَاعِ بِاثْنَتَيْنِ، وَنِصْفٌ فَيُكْمَلُ (وَنَحْوُهُ) كَسَبْعَةِ أَسْدَاسِ طَلْقَتَيْنِ فَثَلَاثٌ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفَ طَلْقَةٍ، وَثُلُثَ طَلْقَةٍ، وَسُدُسَ طَلْقَةٍ وَنَحْوَهُ) كَرُبْعِ طَلْقَةٍ، وَخُمْسِ طَلْقَةٍ، وَتُسْعِ طَلْقَةٍ (فَثَلَاثٌ) لِدَلَالَةِ اللَّفْظِ أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ طَلْقَةٍ غَيْرِ الَّتِي مِنْهَا الْجُزْءُ الْآخَرُ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَكْرَارِ لَفْظِ طَلْقَةٍ فَيَقَعُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ جُزْءٌ فَتُكْمَلُ، وَأَيْضًا فَاللَّفْظُ إذَا ذُكِرَ ثُمَّ أُعِيدَ مُنَكَّرًا فَالثَّانِي غَيْرُ الْأَوَّلِ وَإِنْ أُعِيدَ مُعَرَّفًا فَهُوَ الْأَوَّلُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} فَالْعُسْرُ الثَّانِي هُوَ الْأَوَّلُ، وَالْيُسْرُ الثَّانِي غَيْرُ الْأَوَّلِ فَلِهَذَا قِيلَ: لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ، وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَلْقَةٌ أَوْ نِصْفُ طَلْقَةٍ، وَنَحْوُهُ أَوْ ثُلُثُ طَالِقٍ، وَنَحْوُهُ فَطَلْقَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَنْتِ الطَّلَاقُ صَرِيحٌ. (وَ) إنْ قَالَ (لِأَرْبَعٍ) زَوْجَاتِهِ (أَوْقَعْت بَيْنكُنَّ) طَلْقَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا (أَوْ) قَالَ لَهُنَّ أَوْقَعْت (عَلَيْكُنَّ طَلْقَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا) وَقَعَ بِكُلِّ طَلْقَةٍ (أَوْ لَمْ يَقُلْ أَوْقَعْتُ) بَلْ قَالَ: بَيْنَكُنَّ أَوْ عَلَيْكُنَّ طَلْقَةٌ أَوْ اثْنَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ أَوْ أَرْبَعٌ (وَقَعَ بِكُلِّ) وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (طَلْقَةٌ) لِاقْتِضَاءِ اللَّفْظِ قِسْمَةَ مَا أَوْقَعَهُ بَيْنَهُنَّ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الطَّلْقَةِ رُبْعٌ، وَمِنْ الثِّنْتَيْنِ نِصْفٌ، وَمِنْ الثَّلَاثِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ ثُمَّ يُكْمَلُ، وَمِنْ الْأَرْبَعِ وَاحِدَةٌ. (وَ) إنْ قَالَ لِلْأَرْبَعِ أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ أَوْ عَلَيْكُنَّ (خَمْسًا) أَيْ: خَمْسَ طَلَقَاتٍ (أَوْ سِتًّا أَوْ سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيًا) وَكَذَا إنْ لَمْ يَقُلْ أَوْقَعْتُ (وَقَعَ بِكُلِّ) وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (ثِنْتَانِ)؛ لِأَنَّ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ خَمْسٍ وَاحِدَةٌ، وَرُبْعٌ، وَمِنْ سِتٍّ وَاحِدَةٌ، وَنِصْفٌ، وَمِنْ سَبْعٍ وَاحِدَةٌ، وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ وَيُكْمَلُ الْكَسْرَ، وَمِنْ ثَمَانٍ طَلْقَتَانِ. (وَ) إنْ قَالَ لِأَرْبَعٍ أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ أَوْ عَلَيْكُنَّ (تِسْعًا فَأَكْثَرَ) كَعَشْرِ طَلَقَاتٍ أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ أَوْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَوْ لَمْ يَقُلْ أَوْقَعْتُ وَقَعَ ثَلَاثًا لِمَا مَرَّ. (أَوْ) قَالَ أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ أَوْ عَلَيْكُنَّ (طَلْقَةً، وَطَلْقَةً، وَطَلْقَةً وَقَعَ) بِكُلٍّ مِنْهُنَّ (ثَلَاثُ) طَلَقَاتٍ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ اقْتَضَى قَسْمَ كُلِّ طَلْقَةٍ عَلَى حِدَتِهَا ثُمَّ يُكْمَلُ الْكَسْرَ (كَ) قَوْلِهِ (طَلْقَتكُنَّ ثَلَاثًا) قَالَ فِي الشَّرْحِ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْمَدْخُولُ بِهَا، وَغَيْرُهَا فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا وَإِنْ قَالَ: أَوْقَعْت بَيْنَكُنَّ نِصْفَ طَلْقَةٍ، وَثُلُثَ طَلْقَةٍ، وَسُدُسَ طَلْقَةٍ فَكَذَلِكَ وَإِنْ قَالَ: أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ طَلْقَةً فَطَلْقَةً، وَطَلْقَةً أَوْ طَلْقَةً ثُمَّ طَلْقَةً ثُمَّ طَلْقَةً طَلُقْنَ ثَلَاثًا إلَّا غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فَتَبِينُ بِالْأَوْلَى. (وَ) إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ (نِصْفُك، وَنَحْوُهُ) كَثُلُثِك أَوْ خُمْسِك طَالِقٌ طَلُقَتْ (أَوْ) قَالَ (بَعْضُك) طَالِقٌ طَلُقَتْ (أَوْ) قَالَ (جُزْءٌ مِنْك) طَالِقٌ طَلُقَتْ. وَلَوْ زَادَ عَنْ الْأَلْفِ جُزْءٌ وَنَحْوُهُ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى جُمْلَةٍ لَا تَتَبَعَّضُ فِي الْحِلِّ، وَالْحُرْمَةِ وَقَدْ وُجِدَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ فَغُلِّبَ كَاشْتِرَاكِ مُسْلِمٍ، وَمَجُوسِيٍّ فِي قَتْلِ صَيْدٍ (أَوْ) قَالَ (دَمُكِ) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (حَيَاتُكِ) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (يَدُكِ) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (أُصْبُعُكِ طَالِقٌ وَلَهَا يَدٌ وَأُصْبُعٌ طَلُقَتْ) لِإِضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى جُزْءٍ ثَابِتٍ اسْتَبَاحَهُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ أَشْبَهَ الْجُزْءَ الشَّائِعَ بِخِلَافِ زَوَّجْتُكَ نِصْفَ بِنْتِي وَنَحْوِهِ فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ. (وَ) إنْ قَالَ (شَعْرُكِ) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (ظُفْرُكِ) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (سِنُّكِ) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (رِيقُكِ) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (دَمْعُكِ) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (لَبَنُكِ) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (مَنِيُّكِ) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (رَوْحُكِ) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (حَمْلُكِ) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (سَمْعُكِ) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (بَصَرُكِ) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (سَوَادُكِ) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (بَيَاضُكِ) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (نَحْوُهَا) كَطُولِكِ أَوْ قِصَرِكِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ، وَظِهَارٌ، وَعِتْقٌ، وَحَرَامٌ بِذِكْرِ الشَّعْرِ، وَالسِّنِّ، وَالظُّفْرِ، وَالرُّوحِ، وَبِذَلِكَ أَقُولُ انْتَهَى؛ لِأَنَّ الرُّوحَ لَيْسَتْ عُضْوًا وَلَا شَيْئًا يُسْتَمْتَعُ بِهِ أَشْبَهَتْ السَّمْعَ، وَالْبَصَرَ؛ وَلِأَنَّهَا تَزُولُ عَنْ الْجَسَدِ فِي حَالِ سَلَامَةِ الْجَسَدِ وَهِيَ حَالُ النَّوْمِ كَمَا يَزُولُ الشَّعْرُ؛ وَلِأَنَّ الشَّعْرَ وَنَحْوَهُ أَجْزَاءٌ تَنْفَصِلُ مِنْهَا حَالَ السَّلَامَةِ أَشْبَهَتْ الرِّيقَ، وَالْعَرَقَ، وَالْحَمْلَ. (أَوْ) قَالَ لَهَا (يَدُكِ وَلَا يَدَ لَهَا طَالِقٌ) لَمْ تَطْلُقْ لِإِضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى مَا لَيْسَ مِنْهَا وَكَذَا إنْ قَالَ لَهَا أُصْبُعُكِ طَالِقٌ وَلَا أُصْبُعَ لَهَا. (أَوْ) قَالَ لَهَا (إنْ قُمْت فَهِيَ) أَيْ: يَدُكِ (طَالِقٌ فَقَامَتْ، وَقَدْ قُطِعَتْ) يَدُهَا قَبْلَ قِيَامِهَا (لَمْ تَطْلُقْ)؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ وُجِدَ وَلَا يَدَ لَهَا كَمَا لَوْ نَجَّزَهُ إذَنْ (وَعَتَقَ فِي ذَلِكَ) أَيْ: الْمَذْكُورِ مِنْ الصُّوَرِ (كَطَلَاقٍ) فَإِنْ أُضِيفَ الْعِتْقُ إلَى مَا تَطْلُقُ بِهِ الْمَرْأَةُ كَيَدِهَا وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا كَشَعْرِهَا.
أَيْ: الَّتِي لَمْ يُدْخَلْ بِهَا. (تَطْلُقُ) زَوْجَةٌ (مَدْخُولٌ بِهَا) بِوَطْءٍ أَوْ خَلْوَةٍ فِي عَقْدٍ صَحِيحٍ (بِ) قَوْلِ زَوْجِهَا لَهَا (أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ)؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ لِلْإِيقَاعِ فَيَقْتَضِي الْوُقُوعَ كَمَا لَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ مِثْلُهُ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِتَكْرَارِهِ تَأْكِيدًا مُتَّصِلًا أَوْ إفْهَامًا) لِانْصِرَافِهِ عَنْ الْإِيقَاعِ بِنِيَّةِ ذَلِكَ، وَغَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا تَبِينُ بِالْأُولَى نَوَى بِالثَّانِيَةِ الْإِيقَاعَ أَوْ لَا مُتَّصِلًا أَوْ لَا رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ فَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِأَنْ قَالَ لِلْمَدْخُولِ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ، وَسَكَتَ مَا يُمْكِنُهُ كَلَامٌ فِيهِ ثُمَّ أَعَادَهُ لَهَا طَلَقَتْ ثَانِيَةٌ وَلَوْ نَوَى التَّأْكِيدَ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ، وَشَرْطُهُ الِاتِّصَالُ كَسَائِرِ التَّوَابِعِ. (وَإِنْ) قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ و(أَكَّدَ الْأُولَى بِثَالِثَةٍ لَمْ يُقْبَلْ) لِلْفَصْلِ بَيْنَهُمَا بِالثَّانِيَةِ فَتَقَعُ الثَّلَاثُ (وَ) إنْ أَكَّدَ الْأُولَى (بِهِمَا) أَيْ: الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ قُبِلَ لِعَدَمِ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا، وَتَقَعُ وَاحِدَةٌ (أَوْ) قَالَ أَرَدْت (تَأْكِيدَ ثَانِيَةٍ بِثَالِثَةٍ قُبِلَ) لِمَا مَرَّ فَيَقَعُ اثْنَتَانِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِالثَّانِيَةِ تَأْكِيدًا (وَإِنْ أَطْلَقَ التَّأْكِيدَ) بِأَنْ أَرَادَ التَّأْكِيدَ وَلَمْ يُعَيِّنْ تَأْكِيدَ أُولَى وَلَا ثَانِيَةٍ (فَوَاحِدَةٌ) لِانْصِرَافِ مَا زَادَ عَلَيْهَا عَنْ الْإِيقَاعِ بِنِيَّةِ التَّأْكِيدِ. (وَ) إنْ قَالَ لَهَا (أَنْتِ طَالِقٌ، وَطَالِقٌ، وَطَالِقٌ فَثَلَاثُ) طَلْقَاتٍ (مَعًا) مَدْخُولًا بِهَا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا؛ لِأَنَّ الْوَاوَ تَقْتَضِي الْجَمْعَ بِلَا تَرْتِيبٍ، (وَيُقْبَلُ) مِنْهُ (حُكْمًا) إرَادَةُ (تَأْكِيدِ ثَانِيَةٍ بِثَالِثَةٍ) لِمُطَابَقَتِهَا لَهَا فِي لَفْظِهَا، و(لَا) يُقْبَلُ مِنْهُ تَأْكِيدُ (أُولَى بِثَانِيَةٍ) لِعَدَمِ مُطَابَقَتِهَا لَهَا لِاقْتِرَانِهَا بِالْعَاطِفِ دُونَهَا (وَكَذَا الْفَاءُ) فَلَوْ قَالَ طَالِقٌ فَطَالِقٌ فَطَالِقٌ فَتَطْلُقُ مَدْخُولٌ بِهَا ثَلَاثًا، وَيُقْبَلُ مِنْهُ حُكْمًا تَأْكِيدُ ثَانِيَةٍ بِثَالِثَةٍ لَا أُولَى بِثَانِيَةٍ. (وَ) كَذَا (ثُمَّ) إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ، وَأَكَّدَ الثَّانِيَةَ بِالثَّالِثَةِ قُبِلَ لَا أُولَى بِثَانِيَةٍ. (وَإِنْ غَايَرَ الْحُرُوفَ) فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ، وَطَالِقٌ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ فَطَالِقٌ وَنَحْوَهُ (لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ إرَادَةُ تَأْكِيدٍ لِعَدَمِ الْمُطَابَقَةِ فِي اللَّفْظِ، (وَيُقْبَلُ حُكْمًا تَأْكِيدٌ فِي) قَوْلِهِ (أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ أَنْتِ مُسَرَّحَةٌ أَنْتِ مُفَارَقَةٌ) إذَا أَرَادَ تَأْكِيدَ الْأُولَى بِمَا بَعْدَهَا أَوْ الثَّانِيَةِ بِالثَّالِثَةِ؛ لِأَنَّهُ أَعَادَ اللَّفْظَ بِمَعْنَاهُ و(لَا) يُقْبَلُ مِنْهُ إرَادَةُ التَّأْكِيدِ (مَعَ وَاوٍ أَوْ فَاءٍ أَوْ ثُمَّ) بِأَنْ قَالَ: أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ، وَأَنْتِ مُسَرَّحَةٌ، وَأَنْتِ مُفَارَقَةٌ أَوْ أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ فَمُسَرَّحَةٌ فَمُفَارَقَةٌ أَوْ أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ ثُمَّ مُفَارَقَةٌ ثُمَّ مُسَرَّحَةٌ؛ لِأَنَّ حُرُوفَ الْعَطْفِ تَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ. (وَإِنْ أَتَى بِشَرْطٍ) عَقِبَ جُمْلَةٍ اخْتَصَّ بِهَا كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ. فَتَطْلُقُ مَدْخُولٌ بِهَا بِالْأُولَى فِي الْحَالِ وَالثَّانِيَةِ إذَا دَخَلْت الدَّارَ. (أَوْ) أَتَى بِ (اسْتِثْنَاءٍ) عَقِبَ جُمْلَةٍ اخْتَصَّ بِهَا كَأَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا وَاحِدَةً. يَقَعُ اثْنَتَانِ لِاخْتِصَاصِ الِاسْتِثْنَاءِ بِالْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ فَقَدْ اسْتَثْنَى الْكُلَّ أَشْبَهَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً إلَّا طَلْقَةً. (أَوْ) أَتَى بِ (صِفَةٍ عَقِبَ جُمْلَةٍ) نَحْوِ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقَةٌ صَائِمَةٌ (اخْتَصَّ بِهَا) فَتَطْلُقُ الْأُولَى فِي الْحَالِ وَالثَّانِيَةُ إذَا صَامَتْ (بِخِلَافِ مَعْطُوفٍ وَمَعْطُوفٍ عَلَيْهِ) إذَا تَعَقَّبْهُ شَرْطٌ أَوْ صِفَةٌ فَيَعُودَانِ لِلْكُلِّ فَقَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ لَا تَطْلُقُ حَتَّى يَقْدَمَ فَيَقَعُ طَلْقَتَانِ إنْ دَخَلَ بِهَا وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ. وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ، وَطَالِقٌ صَائِمَةٌ فَتَطْلُقُ بِصِيَامِهَا طَلْقَتَيْنِ، وَيَأْتِي مَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي بَابِهِ. (وَ) إنْ قَالَ لَهَا (أَنْتِ طَالِقٌ لَا بَلْ أَنْتِ طَالِقٌ فَوَاحِدَةٌ) نَصًّا؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِنَفْيِ الْأُولَى ثُمَّ أَثْبَتَهُ بَعْدَ نَفْيِهِ فَالْمُثْبَتُ هُوَ الْمَنْفِيُّ بِعَيْنِهِ وَهُوَ الطَّلْقَةُ الْأُولَى فَلَا يَقَعُ بِهِ أُخْرَى وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الِاسْتِدْرَاكِ كَأَنَّهُ نَسِيَ أَنَّ الطَّلَاقَ الْمُوَقَّعَ لَا يَنْفِي فَاسْتَدْرَكَ، وَأَثْبَتَهُ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ السَّامِعُ أَنَّ الطَّلَاقَ قَدْ ارْتَفَعَ بِنَفْيِهِ فَهُوَ إعَادَةٌ لِلْأَوَّلِ لَا اسْتِئْنَافُ طَلَاقٍ. (وَ) إنْ قَالَ لَهَا (أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ أَوْ) قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ (ثُمَّ طَالِقٌ أَوْ) قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ (بَلْ طَالِقٌ أَوْ) قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ (بَلْ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ) قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَةً بَلْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ) قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَةً بَلْ طَلْقَةً) فَثِنْتَانِ؛ لِأَنَّ حُرُوفَ الْعَطْفِ تَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ وَبَلْ مِنْ حُرُوفِ الْعَطْفِ إذَا كَانَ بَعْدَهَا مُفْرَدٌ كَمَا هُنَا؛ لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ وَإِنْ تَحَمَّلَ الضَّمِيرَ، وَفِي طَلْقَةٍ بَلْ طَلْقَتَيْنِ الْأُولَى دَاخِلَةٌ فِيهِمَا. (أَوْ) قَالَ (طَالِقٌ طَلْقَةً قَبْلَ طَلْقَةٍ أَوْ) طَالِقٌ طَلْقَةً (قَبْلَهَا طَلْقَةٍ وَلَمْ يُرِدْ فِي نِكَاحٍ) قُبِلَ ذَلِكَ (أَوْ مِنْ زَوْجٍ قُبِلَ ذَلِكَ) فَثِنْتَانِ فَإِنْ أَرَادَ فِي نِكَاحٍ أَوْ مِنْ زَوْجٍ قَبْلَهُ فَوَاحِدَةٌ، (وَيُقْبَلُ) مِنْهُ ذَلِكَ (حُكْمًا إنْ كَانَ، وُجِدَ) نِكَاحٌ أَوْ زَوْجٌ قَبْلَهُ (أَوْ) قَالَ: طَالِقٌ طَلْقَةً (بَعْدَ طَلْقَةٍ أَوْ) طَلْقَةً (بَعْدَهَا طَلْقَةٍ وَلَمْ يُرِدْ) بِقَوْلِهِ بَعْدَ طَلْقَةٍ أَوْ بَعْدَهَا طَلْقَةٍ (سَيُوقِعُهَا) عَلَيْهَا بَعْدُ (وَيُقْبَلُ) مِنْهُ (حُكْمًا) إرَادَةُ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِهِ (فَثِنْتَانِ) يَقَعَانِ عَلَيْهِ (لَا غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فَتَبِينُ بِ) الطَّلْقَةِ (الْأُولَى وَلَا يَلْزَمُهَا مَا بَعْدَهَا)؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ بِالْبَيْنُونَةِ كَالْأَجْنَبِيَّةِ. (وَ) إنْ قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَهَا طَلْقَةٌ أَوْ) طَالِقٌ طَلْقَةً (مَعَ طَلْقَةٍ أَوْ) طَالِقٌ (طَلْقَةً فَوْقَهَا) طَلْقَةٌ (أَوْ) طَلْقَةً (فَوْقَ طَلْقَةٍ أَوْ طَلْقَةً تَحْتَهَا طَلْقَةٌ أَوْ) طَلْقَةً (تَحْتَ طَلْقَةٍ أَوْ) أَنْتِ (طَالِقٌ، وَطَالِقٌ فَثِنْتَانِ) مَدْخُولًا بِهَا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا لِإِيقَاعِهِ الطَّلَاقَ بِلَفْظٍ يَقْتَضِي وُقُوعَ طَلْقَتَيْنِ فَوَقَعَتْ مَعًا كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ. (وَ) إنْ قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ فَ) طَلْقَةٌ (وَاحِدَةٌ) لِعَدَمِ مَا يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ (مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ) مِنْ وَاحِدَةٍ فَيَقَعُ مَا نَوَاهُ. (وَمُعَلَّقٌ فِي هَذَا) الْمَذْكُورِ (كَمُنَجَّزٍ) عَلَى مَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ (فَ) لَوْ قَالَ (إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَطَالِقٌ، وَطَالِقٌ) فَقَامَتْ فَثَلَاثٌ وَلَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ (أَوْ أَخَّرَ الشَّرْطَ) فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَطَالِقٌ، وَطَالِقٌ إنْ قُمْت فَقَامَتْ فَالثَّلَاثُ مَعًا، وَيُقْبَلُ حُكْمًا تَأْكِيدُ، ثَانِيَةٍ بِثَالِثَةٍ لَا تَأْكِيدُ أُولَى بِثَانِيَةٍ (أَوْ كَرَّرَهُ) أَيْ الشَّرْطَ (ثَلَاثًا بِالْجَزَاءِ) بِأَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْت أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْت أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْت فَقَامَتْ فَثَلَاثٌ (أَوْ) قَالَ: إنْ قُمْت (فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَهَا طَلْقَتَانِ أَوْ) طَالِقٌ طَلْقَةً (مَعَ طَلْقَتَيْنِ فَقَامَتْ فَثَلَاثٌ) مَعًا لِاقْتِضَاءِ اللَّفْظِ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ ثَلَاثًا (وَ) إنْ قَالَ (إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ أَوْ) إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ (ثُمَّ طَالِقٌ فَقَامَتْ فَ) يَقَعُ بِهَا (طَلْقَةٌ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا)؛ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِالْأُولَى فَلَا تَلْحَقُهَا الثَّانِيَةُ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا (فَثِنْتَانِ) إذَا قَامَتْ لِوُقُوعِ الْأُولَى رَجْعِيَّةً وَهِيَ يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ (وَإِنْ قَصَدَ) مَوْقِعَ (إفْهَامِهَا أَوْ) قَصَدَ (تَأْكِيدًا فِي مُكَرَّرٍ) مُتَّصِلٍ (مَعَ جَزَاءٍ) كَقَوْلِهِ. إنْ قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ يَقْصِدُ إفْهَامَهَا أَوْ تَأْكِيدًا (فَوَاحِدَةٌ) لِصَرْفِهِ عَنْ الْإِيقَاعِ كَمَا سَبَقَ فِي الْمُنَجَّزِ.
(وَهُوَ لُغَةً مِنْ الثَّنْيِ وَهُوَ الرُّجُوعُ) يُقَالُ: ثَنَى رَأْسَ الْبَعِيرِ إذَا عَطَفَهُ إلَى وَرَائِهِ فَكَأَنَّ الْمُسْتَثْنَى رَجَعَ فِي قَوْلِهِ إلَى مَا قَبْلَهُ. وَاصْطِلَاحًا (إخْرَاجُ بَعْضِ الْجُمْلَةِ) أَيْ مَدْخُولِ اللَّفْظِ (بِ) لَفْظِ (إلَّا أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهَا) كَغَيْرِ وَسِوَى وَلَيْسَ وَعَدَا وَخَلَا وَحَاشَا (مِنْ مُتَكَلِّمٍ وَاحِدٍ) فَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ غَيْرِ مُوَقَّعٍ لِاعْتِبَارِ نِيَّتِهِ قَبْلَ تَمَامِ مُسْتَثْنَى مِنْهُ (وَشُرِطَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ (فِيهِ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءِ (اتِّصَالٌ مُعْتَادٌ)؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُتَّصِلِ لَفْظٌ يَقْتَضِي رَفْعَ مَا وَقَعَ بِالْأَوَّلِ وَلَا يُمْكِنُ رَفْعُ الطَّلَاقِ إذَا وَقَعَ بِخِلَافِ الْمُتَّصِلِ إذْ الِاتِّصَالُ يَجْعَلُ اللَّفْظَ جُمْلَةً وَاحِدَةً فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ قَبْلَ تَمَامِهَا. وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا صَحَّ التَّعْلِيقُ وَيَكُونُ الِاتِّصَالُ (إمَّا لَفْظًا) بِأَنْ يَأْتِيَ بِهِ مُتَوَالِيًا (أَوْ) يَكُونَ (حُكْمًا كَانْقِطَاعِهِ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءِ عَمَّا قَبْلَهُ (بِتَنَفُّسٍ وَنَحْوِهِ) كَسُعَالٍ أَوْ عُطَاسٍ بِخِلَافِ انْقِطَاعِهِ بِكَلَامٍ مُعْتَرِضٍ أَوْ سُكُوتٍ طَوِيلٍ لَا يَسِيرٍ أَوْ طُولِ كَلَامٍ مُتَّصِلٍ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فَلَا يُبْطِلُهُ قَالَ الطُّوفِيُّ. (وَ) شَرْطُ الِاسْتِثْنَاءِ أَيْضًا نِيَّةٌ قَبْلَ تَمَامِ مُسْتَثْنًى مِنْهُ فَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً لَمْ يُعْتَدَّ بِالِاسْتِثْنَاءِ إنْ لَمْ يَنْوِهِ قَبْلَ تَمَامِ قَوْلِهِ: ثَلَاثًا (وَكَذَا شَرْطٌ مُلْحَقٌ) أَيْ لَاحِقٌ لِآخِرِ الْكَلَامِ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْتِ فَيُشْتَرَطُ اتِّصَالٌ عَادَةً وَنِيَّةً قَبْلَ تَمَامِ أَنْتِ طَالِقٌ. (وَ) كَذَا (عَطْفُ مُغَيِّرٍ) نَحْوَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَا فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ إنْ اتَّصَلَ عَادَةً وَنَوَاهُ قَبْلَ تَمَامِ مَعْطُوفٍ عَلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءُ بِالْمَشِيئَةِ وَنِيَّةِ الْعَدَدِ حَيْثُ يُؤَثِّرُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا صَوَارِفُ لِلَّفْظِ عَنْ مُقْتَضَاهُ فَوَجَبَ مُقَارَنَتُهَا لَفْظًا وَنِيَّةً كَالِاسْتِثْنَاءِ. (وَيَصِحُّ) اسْتِثْنَاءٌ فِي نِصْفٍ (فَأَقَلَّ) نَصَّا؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُتَّصِلٌ أَبَانَ بِهِ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى غَيْرُ مُرَادٍ بِالْأَوَّلِ فَصَحَّ كَقَوْلِ الْخَلِيلِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} يُرِيدُ بِهِ الْبَرَاءَةَ مِمَّا سِوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وقَوْله تَعَالَى: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إلَّا خَمْسِينَ عَامًا} وَأَمَّا اسْتِثْنَاءُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ فَلَا يَصِحُّ لِمَا يَأْتِي فِي الْإِقْرَارِ (مِنْ مُطَلَّقَاتٍ) كَزَوْجَتَايَ طَالِقَتَانِ إلَّا فُلَانَةَ أَوْ زَوْجَاتُهُ الْأَرْبَعُ طَوَالِقُ إلَّا فُلَانَةَ وَفُلَانَةَ. (وَ) مِنْ (طَلْقَاتٍ فَ) لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ إلَّا طَلْقَةً) يَقَعُ عَلَيْهَا (طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ لِرَفْعِهِ الثَّانِيَةَ بِالِاسْتِثْنَاءِ وَ) إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (ثَلَاثًا إلَّا طَلْقَةً) يَقَعُ اثْنَتَانِ. (وَ) أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (إلَّا ثِنْتَيْنِ إلَّا طَلْقَةً) يَقَعُ اثْنَتَانِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ الثِّنْتَيْنِ وَاحِدَةً فَبَقِيَ وَاحِدَةٌ اسْتَثْنَاهَا مِنْ الثَّلَاثِ فَبَقِيَ اثْنَتَانِ (أَوْ) قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (إلَّا وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً يَقَعُ ثِنْتَانِ) لِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي مُؤَكِّدٌ لَهُ (أَوْ) قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (إلَّا وَاحِدَةً وَإِلَّا وَاحِدَةً) يَقَعُ ثِنْتَانِ إلْغَاءً لِلِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي لِئَلَّا يَلْزَمَ اسْتِثْنَاءُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ (أَوْ) قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً (وَثِنْتَيْنِ إلَّا طَلْقَةً) يَقَعُ ثِنْتَانِ لِصِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ وَاحِدَةٍ مِنْ اثْنَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا نِصْفُهُمَا (أَوْ) قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ (أَرْبَعًا إلَّا ثِنْتَيْنِ يَقَعُ ثِنْتَانِ) لِصِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ. (وَ) إنْ قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا) يَقَعُ ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ لِلْكُلِّ وَلَا يَصِحُّ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (إلَّا ثِنْتَيْنِ) يَقَعُ ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ لَا يَصِحُّ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (إلَّا جُزْءَ طَلْقَةٍ كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ وَنَحْوِهِمَا) كَرُبُعٍ أَوْ خُمُسٍ أَوْ سُدُسٍ يَقَعُ ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَبَعَّضُ فَيَكْمُلُ الْبَاقِي مِنْ الطَّلْقَةِ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً) يَقَعُ ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى وَاحِدَةً مِنْ الثَّلَاثِ بَقِيَ اثْنَتَانِ وَاسْتَثْنَاهُمَا مِنْ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ وَهُوَ اسْتِثْنَاءُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ فَلَا يَصِحُّ (أَوْ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (خَمْسًا) إلَّا ثَلَاثًا (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (أَرْبَعًا إلَّا ثَلَاثًا) يَقَعُ ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ (أَوْ) قَالَ: أَنْتِ (طَالِقٌ أَرْبَعًا إلَّا وَاحِدَةً) يَقَعُ ثَلَاثٌ لِبَقَائِهَا بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ (أَوْ) أَنْتِ (طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا وَاحِدَةً) يَقَعُ ثَلَاثٌ لِعَوْدِ الِاسْتِثْنَاءِ بِمَا يَلِيه فَهُوَ كَاسْتِثْنَاءِ الْكُلِّ. وَإِنْ أَرَادَ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْمَجْمُوعِ فِي ذَلِكَ دِينَ وَقُبِلَ حُكْمُهُ. قَالَهُ فِي الْإِقْنَاعِ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ (إلَّا طَالِقًا أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (ثِنْتَيْنِ وَطَلْقَةً إلَّا طَلْقَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ وَنِصْفَ إلَّا طَلْقَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ وَثِنْتَيْنِ إلَّا ثِنْتَيْنِ) يَقَعُ ثَلَاثٌ لِمَا تَقَدَّمَ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ وَثِنْتَيْنِ (إلَّا وَاحِدَةً يَقَعُ ثَلَاثُ) طَلْقَاتٍ لِبَقَائِهَا بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ (كَعَطْفِهِ بِالْفَاءِ أَوْ بِثُمَّ) بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ فَثِنْتَيْنِ إلَّا ثِنْتَيْنِ أَوْ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ ثِنْتَيْنِ إلَّا ثِنْتَيْنِ أَوْ إلَّا وَاحِدَةً، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَقَعَتْ. الثَّلَاثُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ. (وَ) إنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ اسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ إلَّا وَاحِدَةً تَقَعُ) الطَّلْقَاتُ (الثَّلَاثُ)؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ نَصٌّ فِيمَا تَنَاوَلَ فَلَا يَقَعُ بِالنِّيَّةِ مَا ثَبَتَ بِنَصِّ اللَّفْظِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهَا، وَإِنْ نَوَى بِالثَّلَاثِ اثْنَتَيْنِ فَقَدْ اسْتَعْمَلَ اللَّفْظَ فِي غَيْرِ مَا يَصْلُحُ لَهُ فَوَقَعَ مُقْتَضَى اللَّفْظِ وَلَغَتْ النِّيَّةُ. (وَ) إنْ قَالَ مَنْ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةً (نِسَائِي الْأَرْبَعُ طَوَالِقُ وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً) مِنْهُنَّ (بِقَلْبِهِ طَلُقْنَ) كُلُّهُنَّ لِمَا سَبَقَ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْأَرْبَعَ) بَلْ قَالَ: نِسَائِي طَوَالِقُ وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً مِنْهُنَّ بِقَلْبِهِ (لَمْ تَطْلُقْ الْمُسْتَثْنَاةُ)؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ عَامٌّ يَجُوزُ التَّعْبِيرُ بِهِ عَنْ بَعْضِ مَا وُضِعَ لَهُ وَاسْتِعْمَالُ الْعَامِّ فِي الْخَاصِّ كَثِيرٌ فَيَنْصَرِفُ اللَّفْظُ بِنِيَّةِ مَا أَرَادَ فَقَطْ. وَإِنْ سَأَلَتْهُ إحْدَى نِسَائِهِ طَلَاقَهَا فَقَالَ: نِسَائِي طَوَالِقُ و(اسْتَثْنَى مَنْ سَأَلَتْهُ طَلَاقَهَا دُيِّنَ)؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ عَامٌّ يَحْتَمِلُ التَّخْصِيصَ (وَلَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ ذَلِكَ (حُكْمًا)؛ لِأَنَّ طَلَاقَهُ جَوَابُ سُؤَالِهَا لِنَفْسِهَا فَدَعْوَاهُ صَرْفُهُ عَنْهَا خِلَافُ الظَّاهِرِ؛ وَلِأَنَّهَا سَبَبُ الطَّلَاقِ وَسَبَبُ الْحُكْمِ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ مِنْ الْعُمُومِ بِالتَّخْصِيصِ. (وَإِنْ) كَانَتْ (قَالَتْ) لَهُ طَلِّقْ نِسَاءَك فَقَالَ: (نِسَائِي طَوَالِقُ. طَلُقَتْ) الْقَائِلَةُ كَبَاقِي نِسَائِهِ لِعُمُومِ اللَّفْظِ مَعَ عَدَمِ الْمُخَصِّصِ (مَا لَمْ يَسْتَثْنِهَا) وَلَوْ بِقَلْبِهِ فَلَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّ خُصُوصَ السَّبَبِ يُقَدَّمُ عَلَى عُمُومِ اللَّفْظِ وَيُقْبَلُ مِنْهُ حُكْمًا. (وَفِي) كِتَابِ (الْقَوَاعِدِ) الْأُصُولِيَّةِ لِلْعَلَّامَةِ عَلَاءِ الدِّينِ بْنِ اللَّحَّامِ (قَاعِدَةُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَرْجِعُ إلَى مَا يَمْلِكُهُ) أَيْ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ لَا إلَى مَا لُفِظَ بِهِ (وَ) أَنَّ (الْعَطْفَ بِالْوَاوِ يُصَيِّرُ الْجُمْلَتَيْنِ وَاحِدَةً) أَيْ بِخِلَافِ الْعَطْفِ بِالْفَاءِ وَثُمَّ (وَقَالَهُ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ فِي الْقَوَاعِدِ (جَمْعٌ) قَالَ (الْمُنَقِّحُ وَلَيْسَ) مَا فِي الْقَوَاعِدِ وَقَالَ جَمْعٌ (عَلَى إطْلَاقِهِ) بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعًا إلَّا ثِنْتَيْنِ يَقَعُ ثِنْتَانِ وَلَوْ رَجَعَ إلَى مَا يَمْلِكُهُ وَقَعَ ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ لَا يَصِحُّ وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا طَالِقًا وَنَحْوُهُ يَقَعُ ثَلَاثٌ وَلَوْ صُيِّرَا لِعَطْفِ الْجُمَلِ وَاحِدَةً كَانَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً.
أَيْ تَقْيِيدُ الطَّلَاقِ بِالزَّمَنِ الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ (إذَا قَالَ) لِامْرَأَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ أَوْ) قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك وَنَوَى) بِذَلِكَ (وُقُوعَهُ) أَيْ: الطَّلَاقِ (إذَنْ وَقَعَ) فِي الْحَالِ لِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا هُوَ أَغْلَظُ فِي حَقِّهِ (وَإِلَّا) يَنْوِ وُقُوعَهُ إذَنْ بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ نَوَى إيقَاعَهُ فِي الْمَاضِي (لَمْ يَقَعْ)؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ رَفْعٌ لِلِاسْتِبَاحَةِ وَلَا يُمْكِنُ رَفْعُهَا فِي الْمَاضِي كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقُ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ بِيَوْمَيْنِ فَقَدِمَ الْيَوْمَ (وَلَوْ مَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ خُرِسَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِمُرَادِهِ) أَيْ فَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ ثَابِتَةٌ بِيَقِينٍ فَلَا تَزُولُ مَعَ الشَّكِّ فِيمَا أَرَادَهُ، وَإِنْ قَالَ أَرَدْت أَنَّ زَوْجًا قَبْلِي طَلَّقَهَا أَوْ أَنِّي طَلَّقْتهَا فِي نِكَاحٍ قَبْلَ هَذَا قُبِلَ مِنْهُ إنْ احْتَمَلَ صِدْقَهُ وَلَمْ تُكَذِّبهُ قَرِينَةُ غَضَبٍ أَوْ سُؤَالِ طَلَاقٍ وَنَحْوِهِ. (وَإِنْ قَالَ) لِامْرَأَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ بِشَهْرٍ فَلَهَا النَّفَقَةُ) أَيْ لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا بِالتَّعْلِيقِ بَلْ تَسْتَمِرُّ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ لِأَجْلِهِ. (فَإِن قَدِمَ) زَيْدٌ (قَبْلَ مُضِيِّهِ) أَيْ الشَّهْرِ لَمْ يَقَعْ (أَوْ) قَدِمَ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ مُضِيِّ الشَّهْرِ (لَمْ يَقَعْ) عَلَيْهِ طَلَاقٌ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ جُزْءٍ يَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ (وَإِنْ قَدِمَ) زَيْدٌ (بَعْدَ شَهْرٍ وَجُزْءٍ تَطْلُقُ فِيهِ) أَيْ يَتَّسِعُ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ (تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ) أَيْ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ عَلَى صِفَةٍ فَإِذَا حَصَلَتْ وَقَعَ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَقَبْلَ مَوْتِكَ بِشَهْرٍ. (وَ) تَبَيَّنَ (أَنَّ وَطْأَهُ) بَعْدَ التَّعْلِيقِ (مُحَرَّمٌ) إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا؛ لِأَنَّهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ (وَلَهَا الْمَهْرُ) بِمَا نَالَ مِنْ فَرْجِهَا قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا مِنْ حِينِ عَقْدِهِ هَذِهِ الصِّفَةَ إلَى حِينِ مَوْتِهِ فَإِنَّ كُلَّ شَهْرٍ يَأْتِي يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ شَهْرُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ (فَإِنْ خَالَعَهَا بَعْدَ الْيَمِينِ) أَيْ التَّعْلِيقِ (بِيَوْمٍ) مَثَلًا (وَقَدِمَ) زَيْدٌ (بَعْدَ شَهْرٍ وَيَوْمَيْنِ صَحَّ الْخُلْعُ) إنْ لَمْ يَكُنْ حِيلَةً لِإِسْقَاطِ يَمِينِ الطَّلَاقِ عَلَى مَا سَبَقَ (وَبَطَلَ الطَّلَاقُ)؛ لِأَنَّهُ صَادَفَهَا بَائِنًا بِالْخُلْعِ (وَعَكْسُهُمَا) أَيْ يَبْطُلُ الْخُلْعُ وَيَصِحُّ الطَّلَاقُ إنْ خَالَعَهَا بَعْدَ الْيَمِينِ بِيَوْمَيْنِ وَقَدِمَ زَيْدٌ (بَعْدَ شَهْرٍ وَسَاعَةٍ) مِنْ حِينِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ صَادَفَهَا بَائِنًا بِالطَّلَاقِ (وَإِنْ لَمْ يَقَعْ) أَيْ حَيْثُ قُلْنَا لَا يَصِحُّ (الْخُلْعُ رَجَعَتْ) الزَّوْجَةُ (بِعِوَضِهِ) لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ لَا فِي مُقَابَلَتِهِ، (إلَّا الرَّجْعِيَّةَ) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ رَجْعِيًّا بِأَنْ. لَمْ يَكُنْ مُكَمِّلًا لِمَا يَمْلِكُهُ (فَيَصِحُّ خُلْعُهَا)؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ مَا دَامَتْ عِدَّتُهَا. (وَكَذَا حُكْمُ) قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ) فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مُضِيِّ شَهْرٍ أَوْ مَعَهُ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ فِي الْمَاضِي، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ شَهْرٍ وَلَحْظَةٍ تَتَّسِعُ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الطَّلَاقِ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ (وَلَا إرْثَ لِبَائِنٍ) لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ بِالْبَيْنُونَةِ و(عَدَمِ تُهْمَةٍ) يَحْرُمَانِهَا الْمِيرَاثَ، وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ بِشَهْرٍ وَقَدِمَ بَعْدَ شَهْرٍ وَسَاعَةٍ وَقَدْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ نَحْوِ يَوْمَيْنِ فَلَا تَوَارُثَ، إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لِتَبَيُّنِ وُقُوعِهِ أَيْ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَوْتِ. (وَ) إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ (إنْ مِتُّ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ وَنَحْوَهُ) كَيَوْمٍ أَوْ أُسْبُوعٍ (لَمْ يَصِحَّ) التَّعْلِيقُ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَمْ يَقَعْ قَبْلَهُ (لِمُضِيِّهِ وَلَا تَطْلُقُ إنْ قَالَ) لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (بَعْدَ مَوْتِي أَوْ مَعَهُ) لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ بِالْمَوْتِ فَلَمْ يَبْقَ نِكَاحٌ يُزِيلُهُ، الطَّلَاقُ. (وَإِنْ قَالَ): أَنْتِ طَالِقٌ (يَوْمَ مَوْتِي طَلُقَتْ أَوَّلَهُ) أَيْ أَوَّلَ الْيَوْمِ الَّذِي يَمُوتُ فِيهِ لِصَلَاحِيَةِ كُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ وَلَا مُقْتَضَى لِتَأْخِيرِهِ عَنْ أَوَّلِهِ. (وَ) إنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ (قَبْلَ مَوْتِي يَقَعُ فِي الْحَالِ) وَكَذَا قَبْلَ، مَوْتِك أَوْ مَوْتِ زَيْدٍ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ مِنْ حِينِ عَقْدِ الصِّفَةِ مَحَلُّ الطَّلَاقِ وَلَا مُقْتَضَى لِلتَّأْخِيرِ، وَقُبَيْلَ مَوْتِي أَوْ مَوْتِك أَوْ مَوْتِ زَيْدٍ يَقَعُ فِي الْجُزْءِ الَّذِي يَلِيهِ الْمَوْتُ؛ لِأَنَّ التَّصْغِيرَ يَقْتَضِي أَنَّ الْجُزْءَ الَّذِي يَبْقَى يَسِيرٌ وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ، فَقَالَ الْقَاضِي: تَطْلُقُ فِي الْحَالِ سَوَاءٌ قَدِمَ زَيْدٌ أَوْ لَمْ يَقْدُمْ. (وَإِنْ قَالَ) لِامْرَأَتَيْهِ (أَطْوَلُكُمَا حَيَاةً طَالِقٌ فَبِمَوْتِ إحْدَاهُمَا يَقَعُ بِالْأُخْرَى) لِتَحَقُّقِ الصِّفَةِ فِيهَا. (وَإِنْ تَزَوَّجَ أَمَةَ أَبِيهِ) بِشَرْطِهِ وَهُوَ صِحَّةُ نِكَاحِهِ لِلْإِمَاءِ (ثُمَّ قَالَ) لَهَا (إذَا مَاتَ أَبِي أَوْ اشْتَرَيْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَاتَ أَبُوهُ أَوْ اشْتَرَاهَا طَلُقَتْ)؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ أَوْ الشِّرَاءَ سَبَبُ مِلْكِهَا وَطَلَاقِهَا، وَفَسْخُ النِّكَاحِ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمِلْكِ فَيَحْصُلُ الطَّلَاقُ زَمَنَ الْمِلْكِ السَّابِقِ عَلَى الْفَسْخِ فَيَثْبُتُ ` حُكْمُهُ (وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ مَلَكْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَاتَ أَبُوهُ أَوْ اشْتَرَاهَا لَمْ تَطْلُقْ)؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمِلْكِ فَيُصَادِفَهَا مَمْلُوكَةً. (وَلَوْ كَانَتْ) زَوْجَتُهُ (مُدَبَّرَةً) لِأَبِيهِ وَقَالَ لَهَا إنْ مَاتَ أَبِي فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَمَاتَ أَبُوهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ مَعًا إنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ) أَوْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَالْحُرِّيَّةَ يَتَرَتَّبَانِ عَلَى مَوْتِهِ وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَكَمَا لَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً فِي الرِّقِّ فَتَطْلُقُ أَيْضًا وَفِي تَعْلِيلِهِ هُنَا فِي شَرْحِهِ نَظَرٌ.
ويستعمل طلاق ونحوه كعتق وظهار (اسْتِعْمَالَ الْقَسَمِ) بِاَللَّهِ تَعَالَى (وَيُجْعَلُ جَوَابُ الْقَسَمِ جَوَابَهُ) أَيْ الطَّلَاقِ وَنَحْوَهُ (فِي غَيْرِ الْمُسْتَحِيلِ) فَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لَأَقُومَنَّ وَقَامَ لَمْ تَطْلُقْ وَإِلَّا طَلُقَتْ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنَّ أَخَاك لَعَاقِلٌ فَإِنْ كَانَ أَخُوهَا عَاقِلًا لَمْ يَحْنَثْ وَإِلَّا حَنِثَ وَإِنْ شَكَّ فِي عَقْلِهِ فَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ، وَأَنْتِ طَالِقٌ لَا أَكَلْت هَذَا الرَّغِيفَ وَأَكَلَهُ حَنِثَ، وَإِلَّا فَلَا، وَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَكَلْته لَمْ يَحْنَثْ إنْ كَانَ صَادِقًا. وَأَنْتِ طَالِقٌ لَوْلَا أَبُوكِ لَطَلَّقْتُك وَكَانَ صَادِقًا لَمْ تَطْلُقْ وَإِلَّا طَلُقَتْ، وَإِنْ حَلَفْتُ بِعِتْقِ عَبْدِي فَأَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ قَالَ عَبْدِي حُرٌّ لَأَقُومَنَّ طَلُقَتْ. ثُمَّ إنْ لَمْ يَقُمْ عَتَقَ عَبْدُهُ. (وَإِنْ عَلَّقَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ وَنَحْوَهُ (بِفِعْلِ مُسْتَحِيلٍ عَادَةً) وَهُوَ مَا لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْعَادَةِ وُجُودُهُ، وَإِنْ وَجَدَ خَارِقًا لِلْعَادَةِ (ك) قَوْلِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ إنْ) صَعِدْت السَّمَاءَ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (لَا صَعِدْت السَّمَاءَ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ إنْ (شَاءَ الْمَيِّتُ) أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لَا شَاءَ الْمَيِّتُ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَتْ (الْبَهِيمَةُ) أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لَا شَاءَتْ الْبَهِيمَةُ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ إنْ (طِرْتِ) وَأَنْتِ طَالِقٌ لَا طِرْتِ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (إنْ قَلَبْت الْحَجَرَ ذَهَبًا) أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لَا قَلَبْت الْحَجَرَ ذَهَبًا لَمْ تَطْلُقْ (أَوْ) عَلَّقَهُ بِفِعْلِ (مُسْتَحِيلٍ لِذَاتِهِ) وَهُوَ مَا لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْعَقْلِ وُجُودُهُ (كَ) قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ (إنْ رَدَدْتِ أَمْسِ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ إنْ (جَمَعْتِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ، أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (إنْ شَرِبْتِ مَاءَ الْكُوزِ، وَلَا مَاءَ فِيهِ لَمْ تَطْلُقْ كَحَلِفِهِ بِاَللَّهِ عَلَيْهِ)؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ لَمْ تُوجَدْ؛ وَلِأَنَّ مَا يَقْصِدُ تَعْلِيقَهُ يُعَلَّقُ بِالْمُحَالِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} (وَإِنْ عَلَّقَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ وَنَحْوَهُ (عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ الْمُسْتَحِيلِ عَادَةً أَوْ لِذَاتِهِ (كَ) قَوْلِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ لَأَشْرَبَنَّ مَاءَ الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فِيهِ أَوْ إنْ لَمْ أَشْرَبْهُ) أَيْ مَاءَ الْكُوزِ. (وَلَا مَاءَ فِيهِ، أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (لَأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ، أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (إنْ لَمْ أَصْعَدْهَا، أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (لَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ، أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (لَأَقْتُلَنَّ فُلَانًا فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ عَلِمَهُ) أَيْ مَوْتَهُ (أَوْ لَا، أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (لَأَطِيرَنَّ، أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (إنْ لَمْ أَطِرْ وَنَحْوَهُ) كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَقْلِبْ الْحَجَرَ فِضَّةً (وَقَعَ) الطَّلَاقُ وَنَحْوُهُ (فِي الْحَالِ) كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَبِعْ عَبْدِي فَمَاتَ الْعَبْدُ، وَلِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى. عَدَمِ الْفِعْلِ الْمُسْتَحِيلِ وَعَدَمُهُ مَعْلُومٌ فِي الْحَالِ وَمَا بَعْدَهُ؛ وَلِأَنَّ الْحَالِفَ عَلَى فِعْلِ الْمُمْتَنِعِ كَاذِبٌ حَانِثٌ لِتَحَقُّقِ عَدَمِ الْمُمْتَنِعِ، فَوَجَبَ أَنْ يَتَحَقَّقَ الْحِنْثُ. (وَعِتْقٌ وَظِهَارٌ وَحَرَامٌ وَنَذْرٌ وَيَمِينٌ بِاَللَّهِ) تَعَالَى (كَطَلَاقٍ) فِيمَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ. (وَ) قَوْلُهُ لِامْرَأَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إذَا جَاءَ غَدٌ لَغْوٌ) لِعَدَمِ تَحَقُّقِ شَرْطِهِ إذْ لَا يَجِيءُ الْغَدُ إلَّا بَعْدَ ذَهَابِ الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ مَحِلُّ الطَّلَاقِ. (وَ) لَوْ قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا عَلَى مَذْهَبِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، أَوْ عَلَى سَائِرِ الْمَذَاهِبِ يَقَعُ ثَلَاثٌ)؛ لِقَصْدِهِ التَّأْكِيدَ، فَإِن لَمْ يَقُلْ ثَلَاثًا فَوَاحِدَةٌ إنْ لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ.
|